والخزر لا يشبهون الأتراك، وهم سود الشعر، وهم صنفان: صنف يسمون قراخزر، وهم سمر يضربون- لشدة السمرة- إلى السواد كأنهم صنف من الهند، وصنف بيض ظاهر والحسن والجمال، والذي يقع من رقيق الخزر هم أهل الأوثان، الذين يستجيزون بيع أولادهم واسترقاق بعضهم بعضا، فأما اليهود منهم والنصارى فإنها تدين بتحريم استرقاق بعضهم بعضا مثل المسلمين؛ وبلد الخزر لا يرتفع شىء منه يحمل إلى الآفاق غير الغرى، وأما الزئبق «1» والعسل والشمع والخزر والأوبار فمجلوب إليها؛ ولباس الخزر وما حواليها القراطق «2» والأقبية، وليس يكون عندهم شىء من الملبوس، وإنما يحمل إليهم من نواحى جرجان وطبرستان وأرمينية وأذربيجان والروم؛ وأما سياستهم وأمر المملكة بهم فإن عظيمهم يسمى خاقان خزر، وهو أجلّ من ملك الخزر إلا أن ملك الخزر هو الذي يقيمه، وإذا أرادوا أن يقيموا هذا الخاقان جاءوا به فيخنقونه بحريرة، حتى إذا قارب أن ينقطع نفسه قالوا له: كم تشتهى مدة الملك؟ فيقول كذا وكذا سنة، فإن مات دونها وإلا قتل إذا بلغ تلك السنة، ولا تصلح الخاقانيّة عندهم إلا فى أهل بيت معروفين، وليس له من الأمر والنهى شىء إلا أنه يعظّم ويسجد له إذا دخل إليه، ولا يصل إليه أحد إلا نفر يسير مثل الملك ومن فى طبقته، ولا يدخل عليه الملك إلا لحادثة، فإذا دخل عليه تمرّغ فى التراب وسجد وقام من بعد، حتى يأذن له بالتقرّب، وإذا حزبهم حزب عظيم أخرج فيه خاقان، فلا يراه أحد من الأتراك ومن يصاقبهم من أصناف الكفر إلا انصرف ولم يقاتله تعظيما له، وإذا مات ودفن لم يمر بقبره أحد إلا ترجّل وسجد، ولا يركب ما لم يغب عن قبره، ويبلغ من طاعتهم لملكهم أن أحدهم ربما يجب عليه القتل- ويكون من كبرائهم- فلا يحبّ الملك أن يقتله ظاهرا، فيأمره أن يقتل نفسه، فينصرف إلى منزله ويقتل نفسه. والخاقانيّة فى قوم معروفين ليس لهم مملكة ويسار، فإذا انتهت الرياسة إلى أحدهم عقدوا له، ولم ينظروا إلى ما عليه حاله، ولقد أخبرنى من أثق به أنه رأى فى بعض أسواقهم شابا يبيع الخنر، كانوا يقولون إن خاقانهم إذا مات فليس أحد أحق منه بالخاقانيّة، إلا أنه كان مسلما ولا تعقد الخاقانية إلا لمن يدين باليهودية.
والسرير والقبّة الذهب التى لهم لا تضرب إلا لخاقان، ومضاربه إذا برزوا فوق مضارب الملك، ومسكنه فى البلد أرفع من منزل مسكن الملك.
وبرطاس اسم للناحية، وهم أصحاب بيوت خشب، وهم مفترشون. وبسجرت هم صنفان، صنف فى آخر الغزّية على ظهر بلغار، ويقال إن مبلغهم نحو ألفى رجل، ممتنعون فى مشاجر لا يقدر عليهم، وهم فى طاعة بلغار؛ وبسجرت أخرهم متاخمون لبجناك، وهم وبجناك أتراك، وهم متاخمون للروم، ولسان بلغار مثل لسان الخزر، ولبرطاس لسان آخر، وكذلك لسان الروس غير لسان الخزر وبرطاس. وبلغار اسم المدينة وهم مسلمون