وألزمَهُم أن يقدَّموا جلودَ أضحياتهم، ليستخدم ثمنها في تكاليف إعادة السُّور المنهار، وهو الإجراء الذي أثار حفيظة الإشبيليين، فنقموا على قاضيهم أبي بكر بن العربي، وثاروا عليه ونهبوا داره.

وواضح أن هناك فرقا بَيِّنا بين من ينظر إلى قصّة السّور على أنّها دليل على مداهنة ولاة الأمر الّذين يتحكّمون في خزائن الأمّة، وتحت مسؤوليتهم يقع الإنفاق على المصالح العامّة، من بناء الأسوار وغيرها من المرافق، ولا يجوز تغريم الأمّة وإحلالهم محلّ الولاة وتكلّيفهم بما لا يطاق، وبين من ينظر إلى أن استنفار النّاس وحشد طاقاتهم وتعبئتهم لما فيه المصلحة العامة تصرُّفٌ رشيد.

ومهما يكن من أمر، فإن خبر بناء سور إشبيلية قد تناهى إلى مؤرِّخ بغداد، فسجّله عنوان مَبَرَّة ومَنْقَبَةٍ من مناقب أبي بكر بن العربي، في الوقت الّذي يمكن أن يكون بناء السّور قد قام به ابن العربيّ بعد ثورة العامّة عليه ونهب داره واستباحتها، محاولة منه لاسترضائها، والتّكفير عمّا بدر منه من شدّة وصرامة، خدمة لولاة الأمر الّذين كانوا يحاولون أن يخفِّفوا على بيوت المال، ويثقلوا كواهل الجماهير، مستندين إلى فرض أنواع من الضّرائب أفتى بها بعض القُضاة والمتفقِّهَة.

وهناك مؤرِّخ آخر من القرن السّابع، هو أبو محمّد حسن بن عليّ، المعروف بابن القطّان، الكتاميّ المراكُشيّ [المتوفَّى في منتصف القرن السّابع الهجري]- وهو ابن المحدِّث المشهور أبي الحسن بن القَطَّان صاحب كتاب:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015