الرّابعة (?):
قوله: "فَليُطْعِمْهُ مِمَّا يَأكُلُ" (?) يعني به الشَّبع، والله أعلم.
وقال الحسن: بل يطعمه ممّا يأكل هو.
وقيل: إنّما أراد بقوله: "فَليُطْعِمْه" ممّا يأكل، أي من جِنْسِ الطّعام الّذي يأكل هو، إنَّ كان بُرًّا فيُرًّا، وإن كان شعيرًا فشعيرًا، وإن كان بإدامٍ كذلك، وإن لم يؤاكله فليُطْعِمْهُ منه. وإن كان الرّاوي من الصّحابة هو أبو ذرّ قد حملً الحديث على ظاهره، فجعل لغلامه حُلَّة مثل حُلّته، وإن كان الصَّدر الأوّل الّذين صحبوا رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - لم ينكروا عليه ذلك. وقد كان من الصّحابة من لم يكسه ممّا يلبس، ولا يحمله على ظاهره.
الخامسة (?):
"تكليفُه ما يَغْلِبُهُ" (?) وهذا ممّا لا خلاف فيه، فإن خالف الحديث، وكلَّفَهُ ما لا يطيق، فإنّه لا يدخل الجنّة، كمَا خرَّجه أبو عيسى (?) صحيحًا (?).
وقال ابن القاسم: لأنّ الله تعالى قال: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (?) فهو قد كلَّف نفسًا ما لا تطيق، بل ينبغي أنّ يعينها جُهْدَهُ، ويرى نِعَمَ اللَّهِ عليه إذ جعلَهُ مخدومًا ولم يجعله تحت يد غيره خادمًا.