وَجَبَ القطعُ في يَدَيْه عقوبةً، ووجبَ الغُرمُ في مالِهِ عقوبةَ أخرى. فهذا كان مُعْسِرًا وجبَ القطعُ في يَدَيه؛ فلو أَوجَبْنَا الغُرمَ في ذِمته، لكنّا قد جمَعنَا بين عقوبَتَينِ في مَحِلٍّ واحدٍ، وذلك لا يجوزُ.
المَعقِدُ التّاسعُ:
رُوِيَ أنّ بعضهم قال: تُقطَعُ الأصابعُ خاصّةً دونَ الكفِّ، وهذا فاسدٌ جداٌ؛ لأنّ اليدَ اسمٌ لهذه الجارحةِ المعلومةِ من الظُّفرِ إلى المَنكِبِ، وهي في العُرفِ منطلقةٌ على ما حَازَهُ الكُوعُ إلى الظُّفرِ، وهي أقلُّ ما ينطِلقُ عليه، فلا يتناولُ اللّفظُ بعضَ مُحتملِهِ باتِّفاقٍ.
المَعقِدُ العاشرُ:
قال عطاءٌ: لا تُقطعُ إِلَّا يدٌ واحدةٌ (?)؛ لأنّ الله تعالى قال: {أَيْدِيَهُمَا} (?) فتُقطَعُ من كلِّ واحدٍ يدٌ.
قلنا: لم يُعط عطاءٌ فهْمَ هذه المسألةِ لغةً، مع أنّه كان في الطَّبقةِ العُليا من الفصاحة، وهي زُمرَةُ التّابعين، ألم تَرَ أنّ ضميرَ المقطوعِ المُطلَقِ جَمعٌ، وأن التّثنية إنّما كانت في ضمير المقطوع منه؟ ألم يَرَ أنّ الأُمَّة بعدَهُ قد أجمعت على التّثنيةِ في القَطعِ؟ ألم يُكَرِّر أبو بَكرٍ القطعَ على السّارقِ (?)، فلم يُنكِر عليه أحدٌ؟
معضل:
فمن قُطِعَت يدُه وهو مؤمنٌ ثمّ كَفَرَ، أو هو كافر ثمّ آمنَ، قال قومٌ: إنّه يبدِّلُ اللهُ له يدًا أخرى، لا يجوز غير ذلك.