وتعلَّقَ العراقيونَ (?) من أصحابنا بقولِهِ تعالى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا} الآية (?)، ولم يذكُر غُرمًا، والغُرْمُ زيادةٌ على النَّصِّ، والزِّيادةُ على النّصِّ نسخٌ، ونَسخُ القرآن لا يجوزُ إِلَّا بقرآن مثلِهِ أو بخبرٍ مُتَوَاتِرٍ.
وتعلّقَ الخراسانيُّونَ من أصحابه بأنّ قطعَ السّرقةِ واجبٌ حقَّا للهِ، وما كان ذلك حتّى كان المجنِي عليه مُحْتَرَمًا لحقّ الله، فإنّه لو كان مُحتَرَمًا لحقِّ العبد لكان الخيارُ في استيفاء العقوبةِ للعبدِ كالقِصَاصِ.
وقال مالكٌ: يجبُ القطعُ والغُرْمُ على المُوسِرِ، فإن كان مُعْسِرًا سقطَ الضّمان وَوَجَبَ القَطعُ (?).
فأمّا مذهب الشّافعيِّ (?)، فهو ظاهرُ النَّظَرَ في أوّل درجاته، لكنّا سَنُبَيِّنُ قُصُورَهُ الآن في هذه العُجَالةِ.
وأمّا مذهب أبي حنيفةَ، ففاسِدٌ لا دليلَ عليه؛ لأنّ وُجُوبَ الضّمان على كلِّ مُتلِفٍ أظهرُ بيانًا، وأكثرُ أدّلةً من وجوب القطع في السّرقة.
وللآخر أنّ يقولَ: إيجابُ القَطْعِ في السَّرِقَةِ مع الضّمان زيادةٌ على النَّصِّ.
فإن قيل: هذا لا يقولُه أحدٌ.
قلنا: وما ذَكَرتَ إذا أدَّى إلى هذا لا يَستدِلُّ به أحدٌ.
وأمّا قولُه: "إنَّ الحُرمَةَ قد جعلت لله" فلو كان هذا صحيحًا، وزالَ حقُّ الآدميِّ من العَينِ، ما عاد إليه أبدًا.
وأمّا مالكٌ، فله في هذه المسألة مَقَامَةٌ عظيمةَ، وذلك أنّ السّارقَ إذا كان مُوسِرًا