فَيَبطُلُ بذلك من ادّعى غير هذا.
وأمّا حديث الحنفيّةِ فضعيفٌ، والدّليلُ على ضَعْفِهِ تركُ العملِ به، وقد قطع عثمانُ في ثلاثةِ دراهِمَ (?)، والتّقديرُ عند أبي حنيفة لا يَثبُتُ بقياسٍ، وعند الجميع لا يَثبُتُ إِلَّا بنصِّ القرآن، أو بخبرٍ صحيحٍ.
المَعقِدُ الرّابعُ:
إذا ثبت اعتبارُ القيمة في النِّصاب، فإنّما تُعتبرُ القيمة يومَ الجنَايَةِ، وذلك حين يسرقُ.
وقال أبو حنيفة (?): تُعتبرُ القيمةُ يومَ القطعِ.
ومذهبُ مالكٍ (?) يتردَّدُ كثيرًا في مسائل الضّمان بين اعتبار القيمة يوم الجناية أو يوم القضاء، لأدلّة تتعارض هنالك، ومهما وقع الاختلاف هنالك في حالة الاعتبار يوم الجناية، فإنّ في ذلك اليوم يتعلَّقُ الضّمانُ بذمّةِ السّارقِ، ولم يَطرَأ ما يعارِضُه.
فإن قيل: قد طَرَأَ وهو تقدير القيمة يوم الحكم، فكيف يَقطعُ الحاكمُ في درهمين، والقطعُ ممّا يَسقُطُ بالشُّبهةِ؟
قلت: ليستِ الشّبهةُ ممّا يَسقُطُ بها القطعُ، فإنّ الضّمان قد تعلّق بذِمَّةِ السّارق، وقد اتّفقنا على أنّه يَغرَمُ ثلاثةَ دراهِمَ، فكيف نأخذُ من يَدِهِ ثلاثةَ دراهِمَ ونُسقطُ القَطعَ؟
المَعقِدُ الخامس:
إذا طرأ مِلكُ السّارقِ على السّرقةِ لم يَسقُطِ القَطْعُ؛ لأنّه مِلكٌ طرأ بعدَ وجوبِ الحدِّ فلا يَسْقُط. أصلُه: إذا اشترى الجاريةَ بعد الزِّنا بها، ويَعضُدُهُ -وهو نَصٌّ فيه- حديثُ صَفوَانَ بنِ أُمَيَّةَ حينَ سرقَ سارقٌ رداءَهُ وقد تَوَسَّدَهُ ونام في المسجد، فقال صفوانُ: هُوَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "فَهَلَا قَبلَ أنّ تَأتِيَنِي بِهِ" (?).