فَشَرَطَ في وجوب القطعِ وَضع المالِ في مَوضِعِ الحِفْظِ.
المَعقِدُ الثّالث: القول في النِّصاب
لَمَّا ثبت الفرقُ بين قليلِ المال وكثيرِه في وُجوبِ القطعِ، تَعَيَّنَ الوقوفُ على مقدارٍ يتعلَّقُ به الحُكمُ وَيرتَبِطُ به التَكليفُ. فلو وَكَّلَتهُ الشّريعةُ إلى الاجتهادِ لجازَ، ولكنَّ البارىءَ تعالى تولَّى بيانَ حُكْمِهِ على لسانِ رسوله، فَقَدَّرَهُ برُبُعِ دينارٍ من نصاب الذَّهبِ، وثلاثة دراهم من نصاب الفضّة، كذلك ادّعتِ المالكية (?).
وقالت الشّافعيّةُ (?): لا نِصَابَ للفضّةِ في السّرقة، وادعت أنّ النصابَ مقصورٌ على الذّهبِ.
وادَّعت الحنفيّةُ (?) أنّ النّصاب في السّرقة عَشَرَةُ دراهمَ، وتعلّقت في ذلك بآثار مرويَّةٍ عن النّبيّ -عليه السّلام-؛ أنّه قَطَعَ في ثَمَنِ مِجَنٍّ قِيمَتُهُ دينَارٌ. رواه أبو داود (?). وروى النسائي (?): "عَشرَةُ دراهِمَ". وكذلك رواه عمرُو بن شُعَيْبٍ، عن أبيه، عن جدّه بلفظه (?).
وتعلَّق الشّافعيُّ (?) بما رَوَى الجميعُ؛ أنَّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "تُقطَعُ اليَدُ في رُبُع دِينَارٍ فَصَاعِدًا" (?).
واحتجّتِ المالكيّةُ بما احتجّت به الشّافعيّةُ، واتّفقَ عليه الكلُّ أيضًا؛ أَنَّ النَّبِيَّ - صلّى الله عليه وسلم - قَطَعَ في ثَمَنِ مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ (?)، وهذا نصٌّ في النِّصابَينِ من الذَّهب والفضّةِ،