باب ما جاء في ميراث السَّائبة وولاء من أعتق

قال الإمام (?): الأصل في ذلك قولُه تعالى: {ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام} الآية (?). ومن قول متقدِّمي العلماء أنَّه لا سائبةَ في الإسلام، وألفاظُ العتق معلومةٌ وقد مهّدناها، وليس السّائبة منها. لكن إذا قال الرَّجل: عبدي سائبة، فلا يخلو من ثلاثة أوجهٍ:

1 - أحدها: أنّ يريد "ليس لي فيه ملك ولا منتفع" فهذه على الحريّة، ولكن جاء بلفظٍ ليس من ألفاظها.

2 - وإن أراد بقوله: "هو سائبة" أنّه عتيق عن المسلمين، لا أجعل ذلك على أحد مخصوصًا، فإنّه يكون أيضًا عِتْقًا، ويكون ولاؤه لجميع المسلمين. ولذلك كره مالك هذا اللّفظ ونهى عنه؛ لأنّه قد تكلّم بقول قد عابه الله على قوم. وقال سحنون وأَصْبَغ: لا يعجبنا كراهية مالك لذلك، وباعُه في العلم أوْسَع منهم.

3 - وأمّا إذا قال: "هو سائبة" كان ولاؤه لجميع المسلمين، قاله عمر، وابن عمر، وابن عبّاس، ورواه مُطَرِّف عن مالك.

وقيل: إنَّ ولاءه لمعتقه، وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز، وذهب إليه ابن نافع وابن المَاجِشُون، وقد قال النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -: "الوَلَاءُ لِمَن أَعتَقَ".

فإن قال السَّيِّد: هو سائبة، وقد قصد به إبطال الملك، فهو حرٌّ، وولاؤه * له. وإن قال: هو سائبة، وقصد به نبذه للنّاس أجمعين، فهو حرٌّ وولاؤه * لجميع المسلمين، فعلى هذا تُحمَل الرّوايات من اختلاف الحالات، وليس باختلافِ قولٍ في حالٍ واحدةٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015