مفاقهة:

اختلف العلّماءُ في جواز ذلك، أمّا مالك فجوّزه (?)، وبه قال أبو حنيفة (?) والشّافعيّ (?).

وقال أحمدُ: ذلك باطلٌ يجبُ فسخُه؛ لأنّ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أمَرَ بردِّه، وقال في الصّحيح: "لَا أَشهَدُ عَلَى جَورٍ" (?) وقال: "أَتحِبُّ أَنّ يَكُونُوا لَكَ فِي البِرِّ سَوَاءٌ؟ " (?) فعلَّلَ بالعُقوق إلى ما يدخل بينهم بالشَّحناء، وذلك يقتضي التّحريم، وردّه هو الصّحيح في الحكم.

فإن قيل: قد قال: "أَشهِد عَلَى هَذَا غَيرِي".

قلنا: هذا هو تأكيد التّحريم؛ لأنّ أمرًا لا يرضاهُ رسول الله ولا يَشهَد به، من الّذي يَرضَاهُ أو يشهد به؟ وسائرُ ألفاظِ الحديثِ نصٌّ صريحٌ فلا يردّ بهذا المحتمل. وقد كان رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - محمّد يقبلُ الهديَّة ويُثِيبُ عليها. وروى البخاريّ (?) أنّه كان لا يردّ طيبًا لمحبَّتِه فيه.

مفاقهة أخرى:

ولما رأى النّاسُ أنّ عَقد الهِبَة تَبَرُّعٌ مَحضٌ، قالوا: إنّه لا يَلزَمُ إِلَّا بالقبض، وإليه صغَى أكثرُ الفقهاءِ، منهم الشّافعيُّ وأبو حَنيفةَ، وعَجَبًا لهم من أين نَزعُوا لهذا الأصلِ، والهِبَةُ عَقدٌ من العُقود، ومَبنَى العُقود على اللُّزوم، ومحلُّها القولُ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015