منه تكونُ، وبه تَلزَمُ. وقد بيّن اللهُ ذلك في كتابه فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} الآية (?)، وما بقي بعد قولِ هذا: وهبتُ، وقول الآخر: قَبِلتُ، والكفالة عَقدُ تبرُّع باتِّفاق، ويَلزَمُ بالقولِ بإجماعٍ، فكيف غَفَلُوا عن هذا؟

فإن قيل: كذلك كنا من قبلُ نقولُ كما ذكرتُم، لولا قولُ أبي بكر الصديق: "لَو كُنتِ حُزتِيهِ لَكَانَ لَكِ، وَإِنَّمَا هوَ اليَومَ مَالُ وَارثٍ" (?) فبيّن أنّ الهِبَةَ إنّما تكونُ هِبَةً بالقبضِ، وأنَّ انفرادَها عنه مُبطِلٌ لها.

قلنا: كيف تعلَّقتم بهذا في مثل هذا الأصلِ العظيمِ، وهو قولُ الواحدِ من الصّحابةِ (?).

الفصل الثّاني (?) فيما يجوز هبته للثّواب وما لا يجوز وما يكون عِوَضًا فيها

قال علماؤنا (?): ما لا يجوز بيعُه فلا تجوز هبته للثّواب، كالآبق، والجمل الشّارد، والجنين في بَطن أُمِّه، وما لم يبد صلاحُه من ثمر أو حبٍّ، روى محمّد عن مالك ذلك.

ووجه ذلك: أنّه عَقدُ مُعَاوَضَةٍ فلا يجوز عَقده بالآبق كالبيع.

فرع:

وأمّا الدّنانير والدّراهم، فرَوَى محمّد عن ابن القاسم؛ أنّ ذلك لا يصلح أنّ يُوهَب للثّواب، فإنّ شرطَ ذلك في الهبَة رُدَّتْ، وهو المشهور عن مالك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015