عندهم، أو على تَراضٍ بذلك من المتراهِنَينِ، فأمّا أنّ يأخُذَ ذلك المُرتَهنُ بشرعٍ، فلا يصحُّ ذلك؛ فإنّه كان يكرن زيادةً في حقِّه، وأخذَ مال الرَّاهِنِ بغيرِ رِضَاه، فارتبط الباب، والحمدُ لله على هذه الأصول الّتي مهّدنا.
الفقه في أربع مسائل:
المسألة الأوُلى (?):
تولُه: "لا يَغْلَقُ الرَّهْنُ" قيل: معناه لا يذهبُ هَدَرًا، قال الشاعر (?):
وَفارَقَتكَ بِرَهنٍ لَا فَكَاكَ لَهُ ... يَومَ الوَدَاعِ فأَمسَى الرَّهنُ قد غَلِقَا
ففسَر الغَلق -وهو ذهابُهُ- بغير شيءٍ، وفَوَاتُه من غير جَبرٍ، وفي ذلك ثلاثةُ أحوالٍ:
الحالةُ الأولى: ما فسَّرَهُ مالك أنّه نهى عن عَقدٍ تضمَّنَ ذلك، وعن استدامَتِهِ إنَّ عُقِد على وجهٍ يَتَضَمَّنه.
الحالة الثّانية: أنّ يَفُوتَ الرَّهنُ عند المُرتَهِن، أو يَتلَفَ بوجهٍ من وجوه التَّلَفِ.
فقال الشّافعيّ (?): يذهَبُ هَدَرًا، ويأخُذُ صاحبُ الحقّ حقَّه.
وقال أبو حنيفةَ: يُقَاصُّه بقيمته من الدِّيْن.
ولمالك في ذلك قولان (?):
أحدُهما: الفرقُ بين أنّ يكونَ ممّا يُغابُ عليه وما لا يُغابُ عليه، فإن كان ممّا يُغابُ عليه، كان كما قال أبو حنيفةَ، وإن كان ممّا لا يُغابُ عليه كان كما قال الشّافعيُّ.
القولُ الثّاني: أنّ الحُكْمَ فيه كما قال أبو حنيفةَ في كلِّ حالٍ. زاد مالك: إلّا أنّ تقُومَ بيَّنَةٌ على تلَفِهِ من غير جهة المُرتَهِن، فإنّه يكونُ من الرَّاهِن، وهذه مسألةٌ عظيمةُ