عليها واطَّرَدَ أصلُه فيها، وتلكَ الدّقيقةُ المالكيّةُ هي أنّ الشُّفعَةِ إنّما ثَبَتَت لضَرَرِ الشَّرِكَةِ كما قلناهُ مع الشّافعيّ، ودليلُنا عليه فيما تقدّم، خلافًا لأبي حنيفةَ في قوله: إنها ثابتةٌ للضَّرَرِ المُطلَقِ، وإذا ثَبَتَث لضَرَرِ القِسمَة كما دلّلنا عليه، فهذه الدّارُ الّتي تركَها الميِّتُ إنّما تُقسَمُ أسداسًا؛ فللجدّتين سدُسُها , وللأخوين للأمّ ثُلثُها، والثّلاثةُ الأسداسِ للإخوةِ للأبِ، فينفردُ كلُّ واحدٍ بنصيبه، ثمّ يَقسِمُ الأخوان حَظَّهما بينَهما، وكذلك الجدّتان.
فكما يُجمَعُ السَّهمُ في القِسمَة، كذلك تَجِبُ به الشُّفعَةُ، ومن يفارقه في القَسمِ لا شُفعَةَ له، كما لا يَجتَمِعُ معه في القِسمَة. لكن يبقى على هذا إشكالٌ واحدٌ، وهو أنّ أهلَ السِّهام يشفعون على العَصَبَة عندنا, ولا يشفَعُ العَصَبَةُ على أهل السِّهام، وذلك لقُوّةِ السّهمِ، فيدخُلُ الأقوى على الأضعفِ، ولا يزاحِمُ الأضعفُ الأقوى، وهذا لُبَابُ الدّليل، وهو مستوفًى في "مسائل الخلاف".
المسألة السّابعة (?):
قال الشّافعيُّ (?) وأبو حنيفةَ (?): الشُّفعَةُ على الفور، لما رُوِيَ في الحديث عن النَّبىِّ- صلّى الله عليه وسلم - "إنَّ الشُّفعَةِ كنَشطَةِ عِقَالٍ؛ إنَّ أَخَذَهَا مَسَكَهَا، وإن تَرَكَهَا ذَهَبَتْ" (?).
وعند مالك: إنَّ طلب الشُّفعَة ليس على الفَوْر, وعنه في انقطاعها للحاضر روايتان (?):
إحداهُما: أنّها تنقطعُ بعدَ سنةٍ (?).