يبطل موته حقوقه من خِيَار وعلم وقُدْرَة وغير ذلك، فقال له فخرُ الإسلام الشّاشيُّ: هذا مَزجُ الشّرعيّات بالعقليّات، والشّريعةُ لم تُبنَ على هذا؛ فإنّ الأحكام كلَّها إنّما هي راجعةٌ إلى قول الله تعالى، والحقوقُ الّتي أثبتَها إنّما هي ثابتةٌ بإثباته، لا بقَولِ أحدٍ من البشَرِ، ولا بفِعلِهِ، ولا بصفته، فهي تنتقلُ بنقل الله لها من شخصٍ إلى شخص، ولو باع رجلُ فَدَّانًا، فقيل له: ما بِعتَ من الأرض إنّما هي لله، لا تَقدرُ على نقلها ولا على تصريفها، إذ الملك إنَّما هو له، فلا نفسِّره إِلَّا بما يرجِعُ إلى الفعل، والفعلُ عِوَضٌ لا يبقى، فكيف يُتصوَّر أنّ يُباع ويُنقلَ؟ فَتَتَبُّعُ مثل هذا إفسادٌ للأحكامِ، ولكن البارىءَ تعالى جعلَ الحيَّ خليفةَ الميِّتِ، فما كان للميِّت فهو له.

المسألة السّادسة (?):

قال مالكٌ دونَ سائرِ الفقهاءِ: الشُّفعَةُ إنّما تكونُ بين أهلِ السِّهامِ من الوَرَثَة دونَ غيرِهِم من المشركينَ (?).

وقال غيرُه بأجمعهم: إنّما تكونُ لكلِّ شريكِ قَرُبَ أو بَعُدَ؛ لأنّها لدفع الضَّرَرِ كما قدّمناه، وذلك يستوي فيه القريبُ والبعيدُ من الشُّركاءِ.

مثالُ ذلك: ميّتٌ تركَ جدّتين، وأخوين لأُمِّ، وإخوة لأبٍ، فباعت إحدى الجدّتين، لم تَشفع في حظِّها إِلَّا الأخرى. وكذلك لو باع الأخ للأمّ، لم يشفَع عليه إِلَّا أخوه، ولو باع أحدُ الإخوةِ للأبِ، لشفَعَ عليه جميعُ الوَرَثَة.

والدًقيقةُ الّتي تفطَّن لها مالكٌ في هذا البابِ وفاتتِ الشّافعيَّ، فإنّ أبا حنيفة بَنَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015