الإِسلامية والوطنية والديمقراطية، ومن أسفِ فإنّ "حزب فرنسا" في الجزائر رفض هذه الوثيقة جملة وتفصيلا، مما أدخل البلاد والعباد في دوامة من العنف والعنف المضاد، الّذي أشار إليه صاحبنا سابقا، ولا زال الوضع في حاجة إلى مزيد من فتح أبواب المراجعة والمصارحة والجادلة والحوار، لتوسيع دائرة التفاهم ومعرفة حقيقة ما جرى، ثم المصالحة، والاشتراك في بناء المتّفق عليه، ومعالجة الخلل والانحراف أينما وُجدَ.

وكأننا بصاحبنا وقد جمح به القلم، لم يلتزم كما تعارَفَ عليه أهل العلم من كتابة المقدمات، وراح يجاري خواطره، ويبثُّ ما يجيشُ به صدره المكلوم، وعَدَلَ عن مُراعاة الأشكال والرُّسوم، فلنقنع من صاحبنا بهذا الاختصار المفهم، والإيماء الخاطف، ولنستنبئه عن قصة القاضي أبي بكر بن العربي وكتابه المسالك، لعلّنا نتجاوز عن هَنَاتِه، ونغتفر له ما فَرَطَ منه في حقِّ مناهج البحث العلمي.

كان أوّل عهد صاحبنا باسم القاضي ابن العربي في بداية العقد التاسع من القرن الهجري الماضي، الموافق لبداية العقد السابع من القرن الميلادي، حيث دأبت وزارة التعليم الأصلي والشئون الدينية -آنذاك- على عقد ملتقيات منتظمة للتعرُّف على الفكر الإِسلامي، يشارك فيها كبار الفقهاء وأعلام الفكر والثقافة من عرب وعجم ومستشرقين، وكانت عواصم الولايات تتسابق في التشرف باستضافة المشايخ والعلماء، وكان من نصيب مدينة صاحبنا "المدية" زيارة الشيخ "محمد أبو زهرة " صاحب العلم الغزير، والحجة البالغة، والشخصية المؤثِّرَة، وعلى مائدة الغداء سمع من أبي زهرة نقدا لاذعا للشيخ محمد عبده وتلميذه الشيخ رشيد رضا، ثم أفاض في الحديث عما يحوكه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015