المغرضون من مكائد ضد الإسلام، ووقوف علماء الأمّة لهم بالمرصاد، ثمّ ضرب مثلا بالقاضي أبي بكر بن العربي وجهاده بالقلم واللِّسان ضدّ الفلاسفة والباطنية وغلاة الصوفية والظاهرية والمقلِّدة، وفي هذه المناسبة طلب الشيخ من والد صاحبنا نسخة من كتاب "العواصم من القواصم" طبعة الشيخ عبد الحميد بن باديس، وقد عظم قدر أبي زهرة في نفسه، ووقرت منزلته في صدره، فحث والده على إسعافه بحاجته، وتمكينه من بغيته، ومن يومها وصاحبنا حفي بابن العربي ومؤلَّفاته، يجمعها ويزيِّن بها خزانة والده، ويفاخر بها أكفاءه ونظراءه.

أمّا أوّل عهده العلمي -أو العَمَلِيّ بصورةِ أدقّ- بأبي بكر بن العربي في حياته الدراسيّة فكان بعد حصوله على درجة الإجازة في العقائد والأديان من جامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة، وانتسابه إلى قسم الدراسات العليا الّذي كان يضم آنذاك كبار شيوخ وأساتذة الفكر الإِسلامي في العصر الحديث، من أمثال سليمان دُنْيا، وسيد سابق، ومحمد قطب، ومحمد الغزالي، ومحمد كمال إبراهيم جعفر، وسيِّد أحمد صَقْر، ومحمد يوسف الشّيخ، ومحمد الصّادق عرْجُون، ومحمد محمد أبو شَهْبَة، ومحمد عبد النعم القِيعِيّ، وعليّ العَمَّاري، وتمَّام حَسَّان، ولطفي عبد البديع، وخليل عساكر، ومحمود الطناحي، وغيرهم من أساطين العلم وحُفَّاظ الشريعة، وفي ظلِّ هذه الكوكبة من شموس المعرفة أخذ صاحبنا يفكِّر في الإعداد لدرجة العالمية الأولى، كان فتى لا يملُّ الدُّؤوب والسعي، يتردَّدُ على أغلبهم في قاعات الدَّرس أحيانًا، وفي دورهم أحيانا أخرى، وأسبغوا عليه من برِّهم وإحسانهم وتشجيعهم، كما لا ينهض به ثناء، ولا يقوم بحقِّ شُكره لسانٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015