فإن قيل: فكيف قال ذلك مالك وهو يرويه؟
قلنا: روَاهُ مقطوعًا، فأعجَبُهُ مَقْطَعُهُ، ولم يَرْوِهِ مُسْنَدًا فيَلْزَمُه حُكمُه، هذا هو الصّحيحُ.
ومن علمائنا من قال: إنّما توقَّفَ مالك فيه؛ لأنَّه لم يَعْلَمْ هل كان ذلك قبلَ الدُّخول أو بعدَهُ؟ فلم يرَ مالكٌ إجزَاءَ التَّنْويَة في المدخولِ بها، وجوَّزَهُ في الّتي لم يُذخَل بها؛ لأنَّ الواحدةَ تُبِينُها.
وقد قال جماعة من العلماء: إنّه يُنَوَّى في كلَّ حالٍ، وهو الصَّحيحُ؛ لأنَّ في "حَبْلُكِ على غَارِبكِ" لا يكونُ أظهرَ من قولِهِ: "طلّقتُكِ"، فإن حَلَّ العِقَال في الذَّهابِ كوَضعِ الحبلِ على الغارِبِ فيه، وكالتَّخْلِيَةِ فيما يُترَكُ، وكالتَّبرِئَةِ فيما يَسْقُطُ.
وهذه كلُّها ألفاظٌ إنَّ لم تكنْ مثلَ الطّلاق فلا تكونُ فوقَه، ولو قال رجلٌ لامرأته: طلّقْتُكِ، لَنُوَّيَ كذلك إذا قال: خَلَّيتُكِ، وكذلك الْبتَّة القطعُ. وقد اختلفَتِ الصَّحابةُ فيها، وغلَّب مالكٌ قضاءَ علىٍّ بالكوفة بأنّها ثلاثٌ (?) على قضاء عمرَ بالمدينة بأنّها واحدةٌ.
أمّا النَّسائي (?): فقد رَوَى حديثًا فيمن قال لامرأته: أمرُكِ بِيَدِكِ؛ أنّها ثلاثٌ، ولكنّه حديثٌ مُنكَرٌ (?)، والصّحيح أنّها واحدةٌ؛ لأنَّ الرَّجلَ يملِكُ أَمرَ المرأةِ على الإطلاق، والمقصودُ منه استمرارُ قَيْدِ النِّكاحِ عليها أو إطلاقها، فإذا قال لها: أمرُكِ بِيَدِكِ، فقد