جعلَ إليها البقاءَ والزَّوالَ، فلا تملِكُ منه إِلَّا الأَقلَّ وهي الواحدةُ، وتُنَزَّلُ في ذلك منزلةَ الوكيلِ، فإنْه لا يملِكُ بالوكالةِ إِلَّا الأقلَّ ممَّا يَسْتَقِلُّ به، لكنّه إذا ناكرها حَلَفَ للبراءَة من الاحتمالِ، وله عليها الرَّجْعَةَ، كما أنّ له الرَّجْعَةَ لَو تَوَلَّى هذا الطَّلاق.

عارضة (?):

قال الإمام ابنُ العربيِّ: لا خلافَ بين علمائِنَا أنّ الرَّجْعَةَ لا يمْلِكُ الزَّوجُ إسقاطهَا؛ لأنّه حقٌّ أثبتَهُ اللهُ شَرْعًا، وشَرَعَ إسقاطَه بطريقِ العِوَضِ، واستقرَّ في نصابِهِ الَّذي وضعَهُ الشَّرعُ فيه.

ولذلك قال علماؤُنا عَنْ بَكرَةِ أَبِيهِم: إنَّ من قال لزوجته: أَنتِ طالقٌ، ولا رَجْعَةَ لي عليكِ، أنَّ الطْلاقَ يَلْزَمُ، وما عَدَاهُ لَغوٌ. فجهل بعضُ الغَافلينَ المتأخِّرين، وكتبَ في براءات المُطَلِّقين: "فارقَ فلانٌ زوجهُ فلانةَ بطَلَّقةٍ واحدةٍ، مَلَكَت بها أمرَ نفسِهَا، لتَسْقُطَ الرَّجْعَةُ، فتَسقُطُ النَّفَقَةُ عنه والكُسْوَةُ" وهذه جهالةٌ عظيمةٌ، فإنّه لو صرَّحَ وقال لها: مَلَّكتُكِ أمرَ نَفْسِكِ، ما سقطتِ الرَّجعةُ، فكيف تسقُطُ هاهنا؟ وهذا بديعٌ فتأمَّلْهُ.

الفروع:

وهي سبعة:

الفرعُ الأوَّلُ:

قوله (?): "حَبلُكِ عَلَى غَارِبِكِ": تصريحٌ في الطَّلاقِ وفي العَدَدِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015