ودليلُنا: ما قدَّمناه أنَّ فرضَهُ الاجتهادُ دونَ السُّؤالِ.
المسألةُ الثّانيةُ (?):
وأمّا إذا خافَ العالمُ فَوَاتَ الحادثةِ، فهل له أنّ يستفتيَ غيره أم لا؟
فذهب عبدُ الوهّاب إلى جوازِ ذلك (?)، ومَنَعَ منه سائرُ الأصحاب وقالوا: تُخَلَّى القضيَّةُ (?) ويتركها لغيره، وهذا يُتَصَوَّر فيما يُستَفْتَى فيه، وأمَّا ما يخصُّه، فلابدّ فيه ممّا قاله عبد الوهّاب.
المسألة الثّالثة (?):
قولُه (?):"إِنَّ أُمَّي مَاتَت وَعَلَيهَا نَذرٌ" يقتضي أنَّ النَّذر مباحٌ؛ لأنّ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - سَمِعَه ولم يُنكره، بل أمرَهُ أنّ يقضيَهُ، ولا خلافَ في جوازِهِ.
وأمَّا ما رُوِيَ عن ابنِ عمرَ: نَهَى النَّبِيُّ - صلّى الله عليه وسلم - عَنَ النَّذْرِ، وقال: "إِنَّهُ لَا يَرُدُّ مِنَ القَدَرِ شَيئًا، وَلَكِنَّهُ يُستَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخيلِ" (?) فإنَّما معنى ذلك: أنّ ينذر الأمرَ من أمورِ الدُّنيا، مثل أنّ يقولَ: إنْ شفاني اللهُ من مرَضِي، أو يقدم غائبي، أو نحوه، فإنّي أصوم يومين، أو أُصلِّي صلاة، أو أتصدَّق بكذا، فهذا هو المكروه المنهيّ عنه، وانمَّا كان يُستحبُّ أنّ يكونَ فعلُه ذلك للهِ تعالى رَجاءَ ثوابِه.
المسألةُ الرّابعةُ (?):
فإذا ثبت هذا، فإنَّ النَّذْرَ يلزم في الجملة.
والأصلُ في ذلك: قولُه تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} الآية (?).
ومن جهة السُّنَّةِ: ما رُوِيَ عن عِمْران بن حصين عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -، أنَّه قال: "خَيرُكُمْ