قَرْنِي، ثُمَّ الَّذينَ يَلُونَهُمُ، ثُمَّ يَخرُجُ قوْمٌ يَنْذِرُونَ ولا يُوفونَ، ويخونون ولا يُؤتَمَنُون، ويَشْهَدُونَ ولا يُسْتَشْهَدُون ويظهر فيهم السِّمَنُ" (?) فعابهم بأنّهّم ينذرون ولا يُوفون، وهذا يدلُّ على أنّه غير جائز ولا مباح، ولو كان جائزًا ترك الوفاء بالنَّذْر لما عاب به القَرْنَ.
المسألة الخامسة (?):
قوله (?):"وعَلَيهَا نَذْرٌ" قال علماؤنا (?): يحتمل أنّ يكون مُطْلَقًا، ويحتملُ أنّ يكون مقيَّدًا، فالمطلقُ مثل أنّ يقول المكلَّفُ: لله عَلَيَّ نَذْرٌ، ولا يجعل له مخرجًا.
والمقيّد مثل أنّ يقول: لله عَلَيَّ صومٌ أو صلاةُ ركعتينِ، وكِلَا النَّذْرين جائزٌ.
فإن كان مطلقًا، فإنَّ فيه كفّارة يمين عند مالك.
وعن الشَّافعيّ في ذلك قولان:
أحدهما: أنّه لا ينعقد هذا النَّذْر (?).
والثّاني: أنّه ينعقد ويجب فيه أقلّ ما يقع عليه الاسم.
والدَّليلُ على انعقاده: قوله تعالى: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} الآية (?).
ودليلُنا من جهةِ السُّنَّةِ: خبر ابن عبّاس هذا، والأظهرُ أنَّه مطلقٌ؛ لأنّه لو كان مقيَّدًا لاسْتَفْسَرَهُ النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - عما نَذَرَ؛ لأنّ مِن النَّذْر المقيَّدِ ما يجبُ الوفاء به، وهو أنّ ينذر مباحًا، ومنه ما لا يجب الوفاء به، وهو أنّ ينذر محرّمًا، فلمَّا لم يسأل، كان الأظهرُ أنَّه النَّذْر المُطلَق الّذي لا يكونُ منه ما لا يجوز وما لا يلزم.
ودليلُنا من جهة القياس: أنّه نَذرٌ قصد به القُرْبَة، فوجب أنّ يتعلَّقَ به حُكْمُ