الفقه في عشر مسائل:
الأُولى (?):
قولُه في الحديث (?): "استَفتِ لِي رسُول اللهِ - صلّى الله عليه وسلم -" يريدُ: اسأَلهُ لي سؤالَ المُلتَزِمِ لحُكمِه، وذلك إنّما يكون لجميع الأُمَّةِ مع النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -، وللعالِمِ مع الجاهل، فأمّا العالِمَان اللّذانِ يَسُوغُ لكلِّ واحدٍ منهما الاجتهاد، فإنّه إذا سأل أحدهما الآخر، لا يخلو أنّ يكون على وجهِ الاختبار والمذاكرة، أو على وجهِ التَّقليدِ، فأمّا الأوَّل فجائزٌ لهما إذا الْتزما شروطَ المناظرةِ من الإِنصاف وقصد إِظهارِ الحَقِّ، وقد فعلَ ذلك الصّحابة -رضوان الله عليهم- ومَن بعدَهُم إلى وَقتِنَا. وأمّا سؤالُه إيَّاهُ مُستَفْتِيًا، فإنّه لا خلافَ أنّه لا يجوزُ مع تساوِيهِمَا في العِلْم (?)؛ لأنَّ فرضَ كلِّ واحدٍ منهما الاجتهاد، وإن كان لكلِّ واحدٍ منهما شُفُوفٌ (?)، فهل يجوزُ للّذي دونه أنّ يقلِّدَه مع تمكُّنهِ من النَّظَر والاستدلال أم لا؟
فالّذي عليه جمهورُ العلماءِ أنّه لا يجوزُ له تقليده.
وقد قال بعضُ أصحابِ أبي حنيفة: ذلك جائزٌ له (?).