غايةٌ وإيضِاحٌ:
وهي أنّ يقالَ: ليس كلُّ شيءٍ يدعو إلى شيءٍ يكونُ له حكمُهُ، ألَّا ترى أنَّ الخَلْوَةَ بالأجنبيَّة تدعو إلى الزِّنا وليس لها حكمُه، والتَّمكينُ من الوطىءِ يدعو إلى الوطىءِ وليس له حكمُه.
قلنا: إذا دعا الشّيءُ إلى الشّيءِ وكان من جِنسِيهِ كان له حكمُه، كقليل الخّمْرِ والأنبذة مع كَثْرَتها، بخلاف الخَلْوَةِ والتَّمكينِ من الوطىءِ؛ لأنّه ليس من جِنْسِهِ.
غايةٌ ثالثةٌ:
أنّ يقولوا: إنَّ الكثير من الأَنبِذَة يقعُ به الإسكار دون القليل فكان حرامًا، وحدّه كالاتّخام مع تقدُّمِ الأكل، وهذا يَنْتَقِضُ عليهم بالخمر، فإنّ كثير ما يسكر يحرم قليلها، ويخالفُ الاتخام؛ لأنّ الله تعالى أَذَنَ في الأكلِ مقدارَ الحاجَةِ، وحرَّم الإسرافَ وهو الزائد على ذلك، وهاهنا حرَّم شرب المُسْكرِ، والجنس يعمُّ القليل والكثير.
4 - المبدأ الرّابع:
هو أنّ نقول: إنَّ الله حرّم الخَمْرَ، والنّبيذُ يسمَّى خمْرًا، والدَّليل عليه قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "إنَّ مِنَ الشَّعِيرِ لَخَمْرًا، وَإنَّ مِن البُرِّ لَخَمْرًا، وَإنَّ مِن الذرَّة لَخَمْرًا، وَإنَّ مِنَ العَسَلِ لَخَمْرًا" (?).
وهذا الحديث وإن لم يكن على شرطِ الصِّحَّةِ، فإنَّه قد رُوِي عن عُمر أنَّه قالَهُ على المِنبرِ بحَضرَةِ الصَّحابةِ، ولم ينكر عليه أحدٌ فكان إجماعًا.
وإنَّ الخمرَ إنّما سُمِّيت خمرًا لمخامرتها العقل (?)، وهذا المعنى موجودٌ في النَّبيذِ فوجبَ أنّ يسمَّى خمرًا.
ويدخل تحت تحريم الخّمْرِ وغايته أنّ نقول: إنَّ صاحبَ الشّريعةِ ليس له أنّ يضع أسامي، ولا يبيِّن لغة، وإنّما يبيِّن الأحكام الشّرعية، فإذا أشاروا إلى ذلك سَفَّهنَا