عقولهم، وقلنا لهم: للهِ تعالى أنّ يضعَ الأسامي والأحكام، وان منعونا القياس في اللُّغة، فغير مُستَبعَدٍ أنّ يضع العربي أسامي لشيءٍ يشتقُّه من معنًى فيه، ثمَّ ينقله منه إلى كلِّ مَنْ نجد فيه ذلك المعنى، وقد تقصَّينا ذلك في "كتب الأصول". وأحدُ فوائدِ تلك المسألة من أنّ القياس هل يثبت في الأقدام بهذه المسألة من الفقه، أم لا؟ وذكرتُ لهم سؤالاتهم ثمَّ انفصلتُ عنهم، فقلت لهم: إذا أسكر الكأس الخامسُ فهو المختصُّ بالتّحريم، وإن كان لم يسكر إِلَّا به وبما تقدَّم من الأكواس، وصار ذلك كالسَّفينةِ يكونُ فيها قومٌ يضعونَ فيها عدَّة أقْفِزَةِ من قمحٍ لا تسع أكثر منها، ثمّ يضعُ في السَّفينةِ رجلٌ آخر قَفِيزًا، فيغرق الكلّ، فإنَّ الضَّمان مختصٌّ بالمتعدِّي بوضع القَفِيزِ الزَّائدِ، وإن كان الغرقُ لا يتمُّ إِلَّا به وبما سَبَقَهُ من الأَقْفِزَةِ، فالرَّجلُ الَّذي جعلَ القَفِيزَ الزَّائدَ مُتَعَدٍّ، فَبِتَعدِّيه اختصَّ بالضَّمانِ حينَ اختلفتِ الأَجناسُ واجتمع العادلُ والظّالمُ، فخصَّ بالتّحامل بالغُرمِ الظَّالِم.
وهاهنا اتَّفَقَتِ الأكواس، فكان للأوَّل منها حكم الآخِرِ، ومجرى ذلك من الأمورِ
يطولُ شَرْحُها.
حديث (?): قال رسولُ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم -: "مَنْ شَرِبَ الخمرَ في الدُّنيَا ثُمَّ لَمْ يَتُب مِنهَا، حُرمَهَا في الآخِرَةِ".