رواية أَصْبَغ عن ابنِ القاسم: أنّه إذا رأَى ذلك منه أَمَرَ باستنكاهه؛ لأنّه قد بلغ إلى الحاكم فلا يَسَعُهُ إِلَّا تحقيقُة، فإذا ثبتَ الحدُّ أقامَهُ (?).
فرعٌ:
وكذلك لو شمَّ منه رائحة يُنكِرُها، أو أخبرَهُ بحضرته مَنْ ينكرِها منه، فعندي أنّه قد تعيَّنَ عليه استنكاهُهُ؛ لأنّ هذه صفة يُسْتَرَابُ بها، ويقوى بها الظَّنّ في وجوب الحدِّ عليه، فوجب بذلك اختبارُه، كالتّخليط في القول والمشي.
فرع:
فإن لم يظهر منه شيءٌ من ذلك لم يستنكهه، رواه أَصْبَغُ عن ابن القاسم في "العُتبيّة" (?) "والموازية"، قال: ولا يتجّسس عليه.
ووجه ذلك: أنّه لم يرَ منه شيئًا يُنكره، ولا خروجًا عن الحالِ المعهودةِ، فلا يجوز التَّجسُّس على النَّاس ولا التَّعرض لهم من غير ريبةٍ.
فإنّه يُحتاج إلى معرفة صفتهم وعَدَدِهم، فأمّا صفتهم، فقال ابن القصّار في "كتابه" (?): "صفةُ الشّاهِدَين على الرّائحةِ، أنّ يكونَا عَدلَين، وأن يكونا ممّن خبر شربها في وقتٍ، إمّا على كفرهِمَا أو في إسلامهما، فجُلِدَا ثُمَّ تابَا، حتّى يكونا ممّن يعرفها برائحتها".