وهذا فيه نظرٌ؛ لأنّ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ مَعدُومٌ (?)، ولو لم تثبت الشّهادةُ إِلَّا بمن هذه صفته، لبطلتِ الشّهادةُ بها في الأغلب.

وأيضًا: فإنّه قد يكون من لم يشربها قطُّ يعرف رائحتها، بان يُخبره بها المرّة بعد المرّة من قد شربها أنّها هي الرّائحة المعلومة بريح الخّمْرِ، حتّى يعرف ذلك كما يعرفها الّذي قد شربها مرارًا.

فرع:

فأمّا العدد، فلا يخلو أنّ يكون الحاكم أمَرَ الشُّهود بذلك، أو فعلوه ابتداءً، فإن كان الحاكمُ أَمَرَهُم بذلك، فقد رَوَى ابنُ حبيب عن أَصْبَغ أنّه يُستحبُّ أنّ يأمرَ شاهِدَيْنِ، وان لم يكن إِلَّا شاهدٌ واحدٌ وجبَ به الحدّ. وأمّا إنَّ فعلوا ذلك من قِبَلِ أَنفُسِهِم، فلا يجزئ بأقلّ من اثنين كالشّهادة على الشّراب، وقد رَوَى ابن وهب عن مالك أنّه إنَّ لم يكن مع الحاكم إِلَّا واحدٌ فليرفعه إلى من فوقه، وما رواه ابنُ حبيب عن أَصْبَغ فَيُبْنَي عندي على أنّ الحاكم يحكُم بعلمه، فلذلك جاز عنده علم من استعمله، وإلّا فقد وجب إِلَّا يجزئ ذلك حتّى يشهدَ عنده فيه شاهدان.

الفصل الثّالث (?) فيما يجب بشهادة الاستتكاه

فلا يخلو أنّ يكون الشُّهود متيقِّنينَ (?) أو شاكِّين، فإن كانوا متيقّنين لها، فلا يخلو أنّ يتّفقوا على أنّها رائحة مسكرٍ، أو على أنّها رائحة غير مسكر، أو يختلفوا، فإن اتّفقوا على أنّها رائحةُ مُسْكِرٍ، فلا نعلم في المَذهَب خلافًا في وجوبِ الحدِّ بذلك، وان اتّفقوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015