المَيْتَة، فهل له أنّ يشربها؟ ففي ذلك روايتان:
فروى ابنُ القاسم عن مالك في "العُتبية" (?): لا يشربها ولن تزيدَهُ إِلَّا عطشًا (?).
وقال الأبهري (?): لا يشربها؛ لأنّها لا تغني من الجوع ولا تُروِي من عطشٍ فيما يقال، وأمّا إنَّ كانت تُشْبع وتروي فلا بأس أنّ يشربها.
وفي "النّوادر" (?) عن ابنِ حبيب فيمن غصّ بطعامٍ وخافَ على نفسهِ، أنَّه يجوز له أنّ يتجرّع الخمرَ، وقاله أبو الفرج (?).
وروى أصْبغُ (?) عن ابن القاسم: يشرب المضطرُّ، الدَّمَ ولا يشرب الخمرَ، ويأكل المَيتَة ولا يقرب ضوال الإِبل، وقاله ابنُ وهبٍ (?).
المسألة العاشرةُ (?):
وأمّا التّداوي بالمَيْتَة، فالمشهورُ من المذهبِ أنّه لا يحلُّ بوجه.
وقال سحنون: لا بأسَ أنّ يُداويَ جرحَهُ بعظام الأنعام المذكّاة، ولا يداويه بعظام مَيْتَة (?). وإن جعل في قرح أو جرح فلا يصلّي به حتّى يغتسل، وقد خفَّفَ ابن الماجشون أنّ يصلِّي به.
فهذا قلنا: لا يجوز التّداوي بها ويجوز استعمالُها للضّرورة، فالفرقُ بين التّداوِي وبين الشُّرب للضّرورة ما قاله، وذلك أنّ التّداوي لا يُتَيَقَّن البُرْء بِهِ، فلم يجز أن يستعمل