أَنْصَابِكُم (?)، فقيل في السُّؤالِ: كيفَ تَنَزَّهَ زيدٌ عمَّا يُذْبَحُ للأنصاب واحتمَلَهُ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - للزَّاد، وهذا ممّا اتّفقتِ على تحريمِهِ، وقد كان النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - على ملَّة إبراهيم.
قلنا: أجابَ العلّماءُ عن ذلك بأجوبةٍ كثيرةٍ لُبابُها أربعةٌ:
الجواب الأوَّلُ: أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - لم يكن يلتزمُ قبلَ المَبْعَثِ شَرْعًا، وإنّما كان مُنَزَّهًا معصومًا عن كلّ مُضِلَّةٍ ودَنَاءَةٍ حتّى جاءَهُ الحقُّ، وهو معنى قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} (?) يعني: على غيرِ شَرعٍ ملتزم، وهو أَؤلَى التّأويلات في ذلك.
الجوابُ الثّاني: أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - كان على شرعٍ قبلَ المَبعَثِ، لقوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ} الآية (?)، ومن آياته أنّ أحدًا لم يَعلَمهُ ولا نَقَلَهُ سَندًا ولا خَبَرًا.
الجوابُ الثّالثُ: أنّ هذا خبرُ واحدٍ، وخبرُ الآحادِ إنّما هو حُجَّةٌ فيما طريقُه العلّمُ لا العملُ، وهذه مسألة مطلوبٌ فيها العلم.
الجوابُ الرّابعُ: أنّ المحرّمَ إنّما هو الذّبحُ على النّصبِ والإهلالُ لغير اللهِ، وهذا هو المحرّمُ القبيحُ الكُفْرُ، فأمّا أكلُه بعد ذلك فليس من الذَّبح في شيءٍ، ألَّا ترى أنّ الأُضحيّة تُذبَحُ للهِ ثمّ تُؤكَلُ للدُّنيا، والعبادَةُ إنّما هي في الذَّبحِ والنَّحر خاصّة، فكان النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - مُنزَّها عن الدَّناءَةِ والحرامِ والكفرِ، ولم يكن هنالك شرعٌ في تحريمِ الأكل، فكان يأكلُ من طعامِ أهلِ بيتِهِ قبلَ المَبعَثِ، كما ناكلُ نحن من طعام أهل الكتابِ بعد ذبحهم على ما هو عليه، وهذا وإن كان كلامًا خارجًا عن الأصول، ولكن الأوّل أقوى في النَّظر والتَّنزيهِ، واللهُ أعلمُ.