الفقه في عشر مسائل:
المسألة الأولى (?):
قولُه في هذا الباب (?): "في الرَّجُلِ يُضطَرُّ إِلَى المَيِّتَةِ". وهذا كما قال، وهذا اللَّفظُ إذا أُطلِقَ في الشَّرعِ فإنّما يُطلقُ على غيرِ المُذَكَّى، وإن كان المذَكَّى ميتًا فلا يجوزُ أَكلُ المينة، لقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} الآية (?)، والمعنى: حُرَّم عليكم أكلُها، وهذا مع السَّعَةِ، وأمّا مع الاضطرارِ فيجوزُ أكلها، والأصلُ في ذلك قولُه تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} الآية (?).
المسألةُ الثّانية (?):
قوله (?): "يَأكُلُ حَتَّى يَشبَعَ وَيتَزَوَّدَ" يريدُ: إذا اضطُرَّ فإنّه لا يقتصرُ على ما يُسَدُّ رَمَقَهُ بل يشبع ويتزوّد؛ لأنّها مباحةٌ له كما يفعل في الطّعام المُبَاح.
وقال ابنُ حبيب (?)، إنّما يأكل ما يقيمُ رَمَقَهُ، ثمّ لا يأكل منها حتّى يصير من الضَّرورةِ إلى الحالةِ الَأُولى، وبه قال ابن الماجِشُون؛ لأنّ الإباحة إنّما تثبت له فيما يَرُدُّ به نَفْسَه، وذلك يوجدُ فيما دون الشِّبَعِ، فما زاد فلا يتَنَاوَل لحفظ النّفس فكان ممنوعًا منه، وحكاه عبد الوهّاب (?).