القِفَارِ وخوض البحار، تحقيقًا للموعد الحَقَّ المذكور حين قال - صلّى الله عليه وسلم -: " ناسٌ من أُمَّتِي عُرضُوا عَلَىَّ، يَركبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْر الأَخضَرِ غُزَاةُ في سبِيلِ الله، مثلَ المُلوكِ على الأَسِرَّةِ" (?)، وهذا يدلُّ على تحقيق الموعد من وراءِ البحارِ، وقد عَلِمَ - صلّى الله عليه وسلم - بلوغ ذلك، ولذلك قال - صلّى الله عليه وسلم - في الحديث الصّحيح (?):"لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْح، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنيَّةٌ" فإنّ الهجرة وإن كانت قد إنقطعت وذهبت، فإن الجهاد باقٍ خَلَفًا خَلَفا.

على أنّ الدّاودي (?) قد رَوَى عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال: "لَا تَنقَطِعُ الهِجْرَةُ حَتَّى تَنقَطِعَ التَّوْبَةُ، ولا تنقطعُ التّوبةُ حتّى تَطْلُعَ الشّمسُ من مَغرِبِها" ومعنى هذا: أنّ الهجرة كانت مُسْتَحَبَّة في صدر الإسلام، ثّمّ كانت واجبة على النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - لتتمكن الدَّوحة، وتَتّسعَ الدّارُ، وتنتشر المِلَّةُ، فلما فتح الله عليه مكّةَ، انقطع الوجوبُ وبَقِيَ الاستحبابُ (?)، إِلَّا في مَوْطِنَيْن:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015