كتابٌ حَسَنٌ، فتح (?) فيه الطريقة، وكشف الحقيقة، ولم يكن من بابه.

وأمّا الطَّحاويّ، فتكلَّم عليه في ألف وخمس مئة ورقة (?)، قرأتُها، فإذا فيها كلام يتعلّق بالفقه الّذي كان بابه، وكان منه تقصيرٌ في غيره.

وأمّا التحقيق فيها، فلا يوصل إليه إِلَّا بضبط القوانين، وفيهما الأصول وحمل الفروع عليها بعد ذلك، وقد بيَّناه في "القانون" (?).

المسألة الثَّالثة (?):

قال الشّافعيّ (?): وجهُ الجمع بين هذه الأحاديث، أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أفرد الحجَّ فِعْلًا، وغيره بما (?) نسبَ إليه أنَّه فعله إنّما معناه: أمر به، والآمرُ تَعُدُّه العرب فاعلًا، وتخبرُ به عن الفعل، تقول: رجم الحاكمُ الزّاني، وقطع اللِّصَّ، لمّا أمر به وإن لم يتناوله.

وهذا التَّأويل وإن كان يحسنُ في مواضع، فليس هذا منها؛ لأنّ ظواهر الأحاديث المتقدِّمة تدفعه، فتأمّلوها.

وقال آخر: كان أمر النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - في إحرامه موقوفًا، حتّى بَيَّنَ اللهُ له كيف يكون فيه، وروى في ذلك أثَرًا (?).

وأتْقَنَ علماؤنا المتأخِّرون الجواب فقالوا: إنَّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - لمّا أمره اللهُ بالحجّ أحرمَ، ثمّ انتظر الوحي بكيفية الالتزام وصورة التّلبية، فلم يزل - صلّى الله عليه وسلم - يُلَبِّي،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015