فاعتبر (?) ظاهر ما أُمِرَ به، فقال: "لَبَّيْكَ بحَجَّةٍ" فسمعه جابر وعائشة، فسمعا الحقّ ونقلا الحقّ.
وانتظر النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّ يُقَرَّ على ذلك، أو يبيّن له فيه شيء، فلم يكن، فقال: "لبَّيك بِحَجَّةٍ وعُمْرَةٍ" (?) فسمعه أنس وهو تحت راحلته، فسمع الحقّ ونقل الحقّ.
وسار النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - على هذه الحالة حتّى نزل وادي العقيق، فنزل عليه جبريل وقال له: "صلِّ في هذا الوادي المُبَارَك، وقُلْ: عُمْرَة وحَجَّة" (?) فكشف له قناع البيان عن القِرَانِ، فاستمرّ عليه، والتزم من ذلك ما لزمه، ومرَّ حتّى دخل مكّة، فأمر أصحابه أنّ يفسخوا الحجّ إلى العمرة.
المسألة الرّابعة (?):
أمّا مالك (?) والشّافعىّ (?) فقالا: الافراد أفضل؛ لأنّه هو المفروض، وتخليص الفَرْض من السُّنَّة، أو عن (?) فَرْض آخر يُمزَج معه أَوْلَى.
وأمّا أحمد بن حنبل (?) وجماعة (?) فقالوا: التّمتُّعُ أفضل، لما ثبت عن النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال: "لَوِ استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ ما سُقْتُ الهَدْيَ ولَجَعلتُها عُمْرَةً" (?) فتمنَّى النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّ يكون متمتِّعًا، ولا يتمنَّى إِلَّا الأفضل.
قلنا: ولا يفعل إِلَّا الأفضل، فكيف يُفَوِّتُه اللهُ تعالى الأكمل ويردَّه إلى الأدون!
وأمّا قولهم: إنَّ في الحديث: "تمتَّعَ رسولُ اللهُ - صلّى الله عليه وسلم -" فقد احتجُّوا به (?).
قلنا: المراد بقوله: "تَمَتَّعَ" جمع بين الحجّ والعمرة، وهو متاعٌ، ولم يرد