المعنى أيضًا، وقضى في أنّ لا يتعدَّى رؤية الهلال في الفِطْر والصَّوم؛ لأنّه معيار العبادة الّذي يحقّق مقدارها المفروض.
وأمّا (?) قوله: "فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ" بناء "غم" للسّتْر (?) والتّغطية، ومنه الغمّ، فإنّه يُغَطِّي القلبَ عن (?) استرساله في أَمَانِيهِ (?)، ومنه الغمام وهي السَّحَاب (?).
ورُوِيَ فيه: "فَإِنْ عُمَّ عَلَيْكُمْ" بالعين المهملة من العماء، وهو بمعناه؛ لأنّه ذهاب البَصَر عن الشهادة، أو ذهاب (?) البصر عن المعقولات، ومثله فإن حالت دونه "غمامة" أو"غياية" بالعين المعجمة والياءين المعجمتين (?)، ومثله أيضًا "الغي" وهو الّذي لا يظهر معه الرُّشْد يستره ولا يظهر معه (?)، وهو الحجاب الّذي على القلب من الغَفْلَةِ عن الحقِّ والدِّين، من الكفر.
ويروى: "فَإِنْ غِيمَ عَلَيْكُمْ" أي: إنّ حال بينكم وبين رؤيته غيم، ويروى: "فَإِنْ غمَّ" يقال: غمَّ علينا الهلال وغمى وأغمى فهو مغمى عليه، وقد غامت السَّماء تغيم غيومه فهي غائمة ومغيمة، وأغامت وغيمت وتغيَّمَت.
وقد رُوِيَ عن أحمد بن حنبل؛ أنّه قال: إذا حال دون منظر الهلال غَيْمٌ، فليصبح صائمًا لعلَّهُ يكون من رمضان، وكذلك كان يفعل عبد الله بن عمر في رواية نافع عنه، على ما يأتي بيانُه إنّ شاء الله.
المسألة الخامسة (?):
قوله: "فَاقْدُرُوا لَهُ" أي: احسبوا، ومنه القَدْر والتَّقدير، أي معرفة المقدار، فَسَّرَهُ قوله: "فأكملوا العدّة" وقد ورد في الصّحيح: "فَاقْدُرُوا لَهُ ثَلاَثِينَ يَوْمًا".