الآية الأولى:
قولُه: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} الآية (?)، اعْلَم أنَّه لم يُرِدْ به مجيءَ الانتقالِ والاتيانِ.
وقال بعض العلماء (?): إنّ الواو هاهنا بمعنى الباء.
ومنهم من قال: جاءَ أَمْرُ ربِّكَ وحُكْمُه، يريدُ أمر الله في القيامة وما يختصّ به ذلك (?).
وقال آخر: يحتمل وجاءَ ربّك بالملائكة، فيكون المجيءُ للملائكة.
وتحقيقُ القولِ في هذا: أنّ كلَّ فِعْلٍ يضافُ إلى اللهِ تعالى ممّا يتعلَّقُ بأبداننا يتعالى الله عنه، وانّما المرادُ به مخلوقاته، وذلك جائزٌ من وجهين:
إمّا بأنْ يفعلَ فِعْلًا فيسمى إتيانًا.
وإمّا أنّ تأتي الملائكة بآمْرهِ، كما قال الله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} (?) بخَفْضِ الهاء وبرفعها، فَبِرَفْعِها يكونُ الفعْلُ المسمَّى إثباتًا مخصوصًا بالظُّلَلِ. وبكسرها يكون الفعلُ المسمَّى إثباتًا عامًّا فيه (?).
الآية الثّانية:
قوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} (?) قال علماؤنا (?): المراد به مَنْ فَوْقَها، فإذا كان ظاهرًا في اللُّغة استعمال "في" بمعنى "فوق" وقد قال الله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} (?) وقال: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} الآية (?)، وقد أطلقَ المسلمونَ على (?) أنّ