الله تعالى فَوْقَ خَلْقِهِ ومخلوقاته، كان حَمْلُه (?) على ذلك أوْلَى، وعليه يُتَأَوَّل أيضًا قوله: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ} الآية (?)، أي: هو فوقَ الأرضِ وفوقَ السَّماء إلهٌ.
وقيل: إنّه بمعنى معبود في الأرض ومعبودٌ في السَّمَاءِ.
وقال الإمام أبو بكر بن فُورَك (?): "اعلم أنّ قولنا: إنّه فوقها، يحتمل وجهين:
أحدهما: أنّه يريد (?) أنّه قاهرٌ لها مُسْتَوْلٍ عليها إثباتًا لإحَاطَةِ قُدْرَتِه بها، وشُمُولِ قَهْرِهِ لها، وكونها تحت تدبيرِه جارية على حسبِ عِلْمِهِ ومشيئتهِ.
الوجه الثّاني: أنّ المراد به فوقها، على معنى أنّه متباين عنها (?) بالصِّفَةِ والنَّعْتِ".
قال الإمام: ويحتمل قوله: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} (?) أَنْ يُرادَ به مَنْ فيها من الملائكة والزّبانية وخَزَنَة جهنَّم المُوَكَّلِينَ بعذابِ المُجْرِمين، ولذلك قال: {أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} (?).
الآية الثّالثة:
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا} الآية (?)، وقوله: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} (?) قال علماؤنا: المراد به والّذين جاهدوا لنا وفي مَرْضَاتِنَا؛ وذلك أنّ "في" على ثمانية أَوْجُهٍ: تكون وعاءً، وتكون بمعنى "إلى"، وتكون بمعنى "مع"، وتكون بمعنى "عند"، وتكون بمعنى "عن"، وتكون بمعنى "على"، وتكون بمعنى "اللام" فيكون المراد به: والّذين جاهدوا فينا، أي عملوا لنا وفي ذَاتِنَا وأَخلَصُوا لَنَا.