فظاهر هذا أنه لا تزول عدالته بفعل صغيرة، بل يعتبر غالب أمره، فإن كان غالب أمره الطاعات والمروءة قبلت شهادته وإن زل في صغيرة، وإن كان الغالب من أمره ارتكاب الصغائر وترك المروءة رُدت شهادته.
ونقل علي بن سعيد في الرجل يكذب بكذبه واحدة: لا يكون في موضع العدالة، الكذب شديد، وكذلك نقل ابن منصور أنه قال لأبي عبد الله: متى تترك الحديث؟ فقال: إذا كان الغالب عليه الخطأ.
قلت: الكذب من قليل أو كثير؟
قال: نعم.
فظاهر هذا أنه ترد شهادته بفعل صغيرة، وإن لم تتكرر منه، وهو اختيار الخرقي، لأنه قال: والعدل من لم تظهر منه ريبة.
وجه الأولى: وهي أصح، أن أحداً لا يمحص الطاعات، حتى لا يشوبها المعصية.
يدل عليه قوله تعالى: وعصى آدم ربه فغوى ... ولم يرد بقوله: غوى من الغيّ، وإنما أراد وضع الشيء في غير موضعه، وقال في قصة داود: إنما فتناه فاستغفر ربه وخرّ راكعاً وأناب ... فأخطأ وتاب الله عليه.
قال ـ النبي صلى الله عليه وسلم ـ: ما أحد إلا عصى أو هم بمعصية إلا يحيى بن زكريا فثبت أن ما سلمت الأنبياء من الخطأ أو المعاصي. وإذا ثبت أن أحداً لا يتمخض له الطاعات ولا يسلم من الصغائر، فلو قلنا: لا يقبل إلا بشهادة من بمحض الطاعات ويترك المعصية أفضى أن لا تقبل شهادة أحد، فلهذا اعتبر في أمره الغالب.
ووجه الثانية: ما روى أبو بكر بن جعفر بإسناده عن يونس بن شيبة أن