تهاونه وشجاعته على نبذ شريعة الله، بحجة أن الصيام يضعف الصائم، ويقلل من نشاطه وإنتاج عمله وتأخر بلاده، في الحين الذي يرجوها أن تلحق ركب الدول العظيمة في إنتاجها وغناها وقوتها، فبعد أن رغب الشعب وحثه على الإفطار والشعب - الواعي المدرك - لا يستجيب بسهولة لمن أراد أن يجرده من دينه وخلقه، فبعد ذلك الحث والترغيب أراد أن يبدأ بنفسه وأمام جمع كبير فيهم غير المسلمين، بدأ بنفسه ليكون قدوة في الشر يقتدي به الأشرار، بدعوى القضاء على التخلف، ولكي يلحق ركبه الفقير ركب بعض الدول الثرية (فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ...) غير ناظر إلى رقعة بلاده الضيقة، وإلى انعدام وسائل الثراء في بلاده، فظن أن صيام شهر رمضان هو الذي أخر بلاده، ففضحه الله الذي اعتدى على حرمة شرعه، فازداد فقره وحاجته إلى الغير بالاقتراض منه، ولم يغنه الإفطار في نهار رمضان ولا غيره، وهذا كله وغيره مبعثه الغرور بالنفس والعظمة الخادعة، والاستخفاف، بدين الله، وعصيان أوامره ونواهيه، ولو فرضنا أن شخصا واحدا من مواطنيه - كيفما كانت منزلته - عصى أمره أو نهيه - وهو بشر - لعذبه أو قتله غضبا لعصيانه إياه، وانتقاما لكرامته المهانة في نظره، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وهذا المسؤول الذي انتهك حرمة شهر رمضان وأفطر فيه هو الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة.
وما قيل في شهر رمضان يقال في غيره من كل ما هو راجع إلى أمر الدين، فإننا رأينا ولمسنا تضييقا - ضيقا - مبالغا فيه على من أراد أن يقوم بأداء فريضة الحج إلى بيت الله الحرام، بدعوى قلة العملة الصعبة، وأن البلاد في حاجة إليها لتكميل تجهيزها الصناعي وغيره، وفي الوقت ذاته نرى الأموال تنفق - بسخاء - على الوفود - الصادرة والواردة وما أكثرها - التي تذهب إلى بيوت الشياطين، إما إلى بيت الله فلا.
قيل أن المال الذي ينفق في القيام بشعيرة دينية مال ضائع وخسارة لا تعود على الأمة وخزينة الدولة بالنفع والفائدة، وهو قول يدل على جهل أصحابه لأسرار التشريع وأحكام الدين، وقائله لا يخلو من نزعة إلحادية دفعت به إلى أن قال ما قال، في حين تحبذ - وتفعل - السياحة للنزهة والتنقل في ربوع أروبا الفاجرة، وما يتبع ذلك مما لا يليق، ففي هذه السياحة تصرف الأموال بكرم لأن ذلك علامة على التقدم والحيوية.