الفصل الأول:
الشرائع السماوية وسعادة البشرية.
إن الشرائع الإلهية أنزلت لإسعاد البشرية، والسير بها في طريق الحق والخير والفضيلة. فهي تمنع الخبث والكذب والبهتان وكل ما لا يليق، وتشدد في ذلك المنع. كما تحرم أكل أموال الناس بالباطل والظلم والعدوان، وتعاقب على ذلك باقي العقوبات، حتى يتطهر المجتمع من الفساد والظلم، فالإسلام - دين - جاء في الوقت الذي فسدت فيه المجتمعات الإنسانية، بأمثال المزدكية والمانوية وغيرهما من النحل المضلة للعباد، فتطهر به المجتمع الإنساني من ذلكم الشر والفساد والإلحاد.
إن الشرائع السماوية تمنع ذلك ولا تبيحه أبدا، لأنه شر عظيم وفساد كبير في الأرض. فكل من دعا إلى ما دعت إليه المزدكية أو عمل على إعادتها متسترة بستار غيرها من استباحة أموال الناس ونسائهم، فهو منها وعلى مذهبها، وناشر لعظامها البالية، ولمخازيها الماضية، وإن لم يعلن عن نفسه أنه مزدكي وذلك ما نرى بوادره ومقدماته تظهر في هذا الزمن - زمن العجائب والغرائب - بين الحين والآخر. فقد شاهد العقلاء وسمعوا - متألمين - ما أصاب الخلق الطيب من تدهور وسقوط إلى حضيض الحيوانية البهيمية، من إباحية مكشوفة، ودعاية لها منظمة، مع احتضان ورعاية البعض لها ممن لهم الكلمة المسموعة والنافذة، فسخر لها ما تحت يده وتصرفه من وسائل، وحاول أن يمنع من كشف أمرها، وأزاح القناع عنها ورفع الغطاء عن وجهها، وعن مخازيها المستورة بستار التقدم، والحرية - بلا حدود - ومسايرة الزمن، إلى غير هذا من العناوين التي أعطيت للمزدكية العصرية، حتى لا يتضح أمرها، وينكشف للبله مستورها، ويهتك حجابها الخادع.