هذه الحقيقة شاهدة في جميع البلدان التي انتحلت (الاشتراكية) مذهبا لها.

ومن أهداف الاشتراكية - أيضا - التأميم، وهو انتزاع الشيء - عقار أو مصنع، أو غيرهما - من مالكه الأصلي، وجعله تحت تصرف الحكومة - النائبة عن الأمة - وهو سلاح يلتجأ إليه وقت الحاجة، فقد رأينا بعض الناس لم يكونوا محل رضى عند بعض الدوائر الحكومية - بل وحتى عند لعض الأشخاص - مع هؤلاء يلتجأ إلى استعمال هذا السلاح - التأميم - فينتزع ما يراد انتزاعه، لأسباب توجد في ذلك الوقت، من غير نظر إلى ماضي هذا الشخص المؤمم رزقه، وكم من ضحية ذهب رزقه لمنافع خاصة وأغراض شخصية دنيئة ... ؟؟ بقي لنا أن نسأل بصفتنا مسلمين: هل في تاريخ الدولة الإسلامية أنها انتزعت الأراضي أو غيرها من أيدي أصحابها المالكين لها ملكا شرعيا قانونيا، من غير أن يصدر منهم شيء يعاقبون عليه؟ ذلك ما لم يكن - فيما أعلم - وإن كان - على قلته - فلربما كان عقوبة، وهذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو المشرع بعد الله - مفصح بذلك، روى ابن ماجة في سننه - في باب المزارعة - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كانت لرجال منا فضول أرضين يؤجرونه على الثلث والربع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من كانت له فضول أرضين فليزرعها، أو ليزرعها أخاه، فإن أبى فليمسك أرضه)) الحديث رقم 2451. ومثل رواية جابر رواية أبي هريرة رضي الله عنه في نفس الكتاب والباب، وذلك قوله عليه الصلاة والسلام: ((من كانت له أرض فليزرعها، أو ليمنحها أخاه، فإن أبى فليمسك, أرضه)) الحديث رقم 2452. فالرسول "وهو المشرع للمسلمين بعد الله" لم ينتزع ما فضل من الأرض عن أصحابها من أصحابها، إنما أمرهم بالتراحم بينهم والعطف على بعضهم بعضا، إذ أمرهم بأن لا يؤاجروها - يكروها - بل يمنحوها منحة لإخوانهم ينتفعون بها مدة ثم تعود لأصحابها وهذا هو العدل الإسلامي، ذلك العدل الذي تحدث عنه التاريخ بإسهاب.

وفي قصة عدل - كسرى أنوشروان - التي تقدم الكلام عليها عند الكلام على قضائه على المزدكية وعدله بين رعيته ما يكون موعظة للغافلين، ومثل قصته قصة نقلت عن خليفة عباسي ضايقته في قصره بيت لامرأة عجور، وكم حاولها على بيعها له وبذل لها في مقابلة ذلك المال الكثير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015