هذا قوله لأتباعه، لا كما قلت أنت للتونسيين: عظموني - كما في الأمسيات الشعرية - ومن لم يفعل صار مغضوبا عليه، مثل: المجاهد الأكبر، - ولا جهاد ولا مجاهد - وسيد الأسياد؟ وغير هذا من الألقاب الفارغة الخالية من المعاني والتي مل الناس سماعها، ومن لم يقل ويفعل ناله من التوبيخ ما ينال المجرمين، فالرجل مصاب بداء (الغيرة) التي تكون في النساء - عادة - فقد تتبعنا حياته ومواقفه من الأحرار والزعماء الصادقين فوجدناه سار في هذا الطريق - الغيرة - إلى أبعد غاية، فهو يعمل - دائما - على إبعادهم من كل ميدان، حتى لا يزاحموه، ولم ننس مواقفه ... مع الزعيم الإسلامي الخالد المرحوم الشيخ عبد العزيز الثعالبي - رحمه الله - حين رجوعه من منفاه في صيف 1937 وكيف عمل على إبعاده من الميدان السياسي بأساليب المراوغة والتزوير، والشيخ الثعالبي ذلكم الرجل العظيم هو الذي أنشأ حزب الدستور التونسي سنة 1922، ثم نفته فرنسا فطاف جميع بلدان الشرق الإسلامي، ولم يرفع عنه حجر العودة إلى مسقط رأسه إلا في سنة 1937م، فلما عاد وجد بورقيبة عمل على تقسيم الحزب إلى قسمين، القديم والجديد، فاستقل بالجديد وتزعم حركته واستعملها لنفسه، وعند الله تجتمع الخصوم، وهل نسينا كذلك الزعيم المحبوب في أمته (صالح بن يوسف) وكيف تم القضاء عليه للاستراحة منه.
فإذا كان هذا هو مرضه - وهو الواقع - علمنا سبب غيرته من الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، لأن المسلمين لا يذكرونه إلا بالتعظيم والاحترام، وعنوان ذلك الصلاة والسلام عليه، وإذا لم تكن الغيرة هي الدافعة له على ما قال فما له ولمقام الرسالة المحمدية الذي لا مطمع فيه لبشر كائنا من كان، فهو هبة من الله لا من العباد؟
نعود بالله من هذا التعدي والجهل بحقيقة الرسالة والرسل.
ومن افتتانه بحب شخصه أن فرض على الأمة التونسية أن تحتفل بذكرى ميلاده كل سنة يوم 3 أوت، وتعطل فيه الأعمال الإدارية والتعليم وغير ذلك، (ذكرى ميلاد فخامة الرئيس) كما هو مطبوع في اليوميات، يوم واحد كذكرى مولد صاحب الرسالة العامة صلى الله عليه وسلم، كما رأيناه فرض على أمته أن لا تنسى (الاجحار) التي أدخل إليها أيام النضال