فرأيت عجبا، وكان الموضوع - فيما أذكر - (الاقتصاد في حياة الأمة والفرد) فكان الطلبة يستدلون بأقوال وآراء قادة روسيا الشيوعية، فهذا يقول: قال ماركس الاقتصاد كذا، وذاك يقول: قال لينين، وآخر يقول قال ستالين، وهكذا مما علمت منه أن المعلمين الذين تولوا تعليم أبناء هذا الشعب المسلم لم يكونوا يحملون في نفوسهم عقيدة المسلم، ولا يعرفون شيئا مما ذكره القرآن في الموضوع، ولا الحديث الشريف، فعلمت أن الأمر مقصود، وهو محو الإسلام من هذه الأرض وإثبات الشيوعية مكانه، وبثها في عقول شباب الأمه، وهذا أمر مدبر ومبيت ولم يأت عفوا من غير قصد، وإلا فما هي قيمة أقوال هؤلاء الملاحدة؟ وكم تساوي إذا قارناها بالقرآن؟ كما في قول الله: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} (?) وهي آية عظيمة القدر في الاقتصاد لمن أراد أن يكون مسلما له في قرآنه ما يرشده إلى سبيل العيش الهني والحياة الفاضلة، وجاء في آية صفات عباد الرحمن ما هو بين واضح، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (?). ومثل هذا ما ورد في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم مع الاختصار والدلالة الوافية بالمراد. من ذلك قوله: ((ما عال من اقتصد)) (?). والحديث على قلة كلماته جامع لمعان الاقتصاد كلها. وفي رواية أخرى قال: ((ما عال مقتصد) (?) والحديثان من جوامع كلمه عليه الصلاة والسلام. وقد نبهت الأستاذ مدير المدرسة - في الوقت - إلى هذا الخطر الذي غزا أفكار شبابنا بواسطة المعلمين الذين لا يحملون الروح الإسلامية، وفي ذلك يكمن الخطر الكبير الذي يبعد شبابنا عن ماضيه العظيم، وفي الوقت نفسه تحشى أفكار شبابنا بعقائد الزيغ والضلال، ويظهر هؤلاء المعلمون لتلامذتنا عجز الإسلام عن مسايرة الوقت، وتلك هي الأغنية التي يتغنى بها الملاحدة، أشباههم ويقولون أن الإسلام ليس فيه ما يصلح لهذا الوقت، وهذه الأفكار المريضة من الإسلام - نعم هي