الفصل الأول:
ما هي المزدكية؟
المزدكية هي نحلة من النحل - أو مذهب من المذاهب - البشرية، والأحرى دعوة تدعو الناس إلى ما دعا إليه إبليس من قبل، فهي تتزعم حركة (إصلاحية) كما قال صاحبها ... المقصود منها - حسب قوله أيضا - نشر الأمن والسلام في الأرض - كما يدعي - وهي إلى جانب هذا تلزم أتباعها ومعتنقيها العاملين بها وبمبادئها: بأن يزيلوا من بينهم جميع الفروق وأنواع الاختصاص، فلا فرق فيما بينهم، ولا يختص الواحد منهم على أخيه فيها بأي شيء من أنواع الاختصاص حتى في المخصصات الفطرية، كالعرض والشرف، فلا شرف عند المزدكيين، ولا عرض ولا غيرة - والغيرة غريزة حتى عند الحيوانات التي لا تعقل - مثلما هو معروف عند شرفاء النفوس.
وسأعمل - ما استطعت - بإذن الله على توضيحها، وتوضيح شقيقتها العصرية (الاشتراكية الشيوعية) فإنها نبتت من بذرتها وأصلها، واتحدت معها في المبادئ والغايات، فهما كما قال القائل القديم:
فإن لم تكنه أو يكنها فإنه ... أخوها غذته أمه بلبانها
سأعمل على توضيح ذلك حتى يدرك الواقف على هذا الكتاب مدى شرورها وآثامها، ومفاسدها ومكائدها، وما نشرته في زمانها من فوضى في الأموال والأعراض، الأمر الذي تألم منه العقلاء في وقتها، ولم يتنفسوا الصعداء، ولم يستريحوا من كيدها إلا بعد أن قضي عليها، فطهرت الأرض من رجسها، بعد أن دنست بأفعال (مزدك وجماعته) الفظيعة والمنكرة، وسأدعم مما أقوله بأقوال السابقين، من العلماء والمؤرخين الذين كتبوا عنها وعن الطوائف والنحل الأخرى، كي يتبين خطرها وشرها للعقلاء منا، فإن المتقدمين كشفوها للناس،