لهذه الأموال المكنوزة؟ ولعلهم الفقراء المساكين القابعون في الحانات ومحال الفجور ... ليستعينوا بها على ما هم فيه، غير أننا لم نعد نسمع كلمة أبي ذر بعد 19 جوان 1965 فتكون قد ذهبت مع من ذهب من أصحاب الأطماع.

تلك كلمة أبي ذر التي نقلت عنه - وحفظت - وجيء بها لتكون عونا على انتزاع الأموال من أهلها، والاستيلاء عليها، تطبيقا لرأي أبي ذر رضي الله عنه في الظاهر، أما في الباطن فالله يعلم ما هو المقصود.

الفصل الرابع: من هو أبو ذر هذا؟

المعروف من كتب السير والتراجم أن أبا ذر الغفاري - رضي الله عنه - كان من السابقين الأولين إلى الدخول في الإسلام، فهو رابع أربعة أو خامس خمسة كما جاء عنه، كما أنه من عظماء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الشجعان، نطق بكلمة الشهادة - أعلن إسلامه - أمام عظماء قريش الطغاة، وناله من العذاب في سبيل إسلامه ما ناله، وكان زاهدا في ملك الدنيا ورعا رقيق القلب كثير الخشوع لله، كما كان أكثر الصحابة طاعة وامتثالا لولي أمر المسلمين، ولو كان الوالي عبدا حبشيا كما قال هذا هو نفسه، لا رغبة له في المال ولا في جمعه، ولم يكن الكثير من الصحابة مثله في هذا، فكل مال دخل يديه أنفقه في سبيل الله والخير، أو أنفقه على المحتاجين، فيصرفه إليهم من غير أن يبقي منه تحت يده شيئا لنفسه، ويبقى هو كواحد من الفقراء، ولم يعرف عنه أنه أنفق ماله في سبيل الشيطان، كما ينفقه من أرادوا أن يستغلوا كلمته لمصالحهم الخاصة، قال فيه الحافظ الذهبي: (وكان رأسا في الزهد والصدق، والعلم والعمل، قوالا بالحق لا تأخذه في الله لومة لائم، على حدة فيه) (?).

وفي القصص التالية أمثلة من زهده في الدنيا وإعراضه عنها، وقد أتت إليه عفوا من غير تعب ولا طلب.

ذكر ابن سعد في طبقاته الكبرى في ترجمة أبي ذر قال: إن أبا ذر كان عطاؤه أربعة آلاف، وذكر في ترجمته من طريق آخر، عن عبد الله ابن الصامت، أنه كان مع أبي ذر فخرج عطاؤه ومعه جارية له، قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015