المادي البحت، وقالوا فيها إن قوانينها - وقولهم كذب وبهتان - رجعية، غير موافقة لعلم الذي تكشفت فيه عناصر جديدة في حياة البشر، وأخذ أعداء الإسلام يفتنون بهذا بعض ضعاف الإيمان من المسلمين الذين لم تكن لديهم دراية كافية، ومعرفة وافية بما في الإسلام من تشريع حكيم، وعدالة اجتماعية لا توجد في غيره، وتوجيه صالح لم يكن في سواه إلى يومنا هذا، بل وإلى يوم الناس.
وما ذلك في الحقيقة وواقع الأمر إلا دسيسة وخديعة قدموها لمن ذكرنا، بقصد فتنتهم عن دينهم، والقضاء على النظم والقوانين الإسلامية العادلة، ولا يخفى على ذوي الألباب أن الإسلام في حرب مع خصومته من يوم ظهوره إلى الآن، فما هو قول الخصم - غير الشريف - في خصمه ... ؟
ففي الشريعة الإسلامية التي وضع قوانينها رب العالمين، وهو العالم بما يصلح عباده، ما يضمن لعباده الحياة الشريفة بدون ميز ولا محاباة، ولا ظلم ولا عدوان، لكن المسلمين أعرضوا عن دواء أمراض مجتمعهم الذي وصفه لهم الطبيب العارف بأمراضهم، وأخذوا يعالجون أمراض أمتهم بأدوية الجهلة والعجائز، فازدادت عللهم، وتمكن منهم المرض الذي لا شفاء منه إلا بالرجوع إلى استعمال دواء الطبيب العارف بالأمراض وعلاجها، شأنهم في هذا شأن المريض الذي أهمل دواء طبيبه الحاذق وأعرض عنه إلى العلاج بغيره.
وما هو ذنب الطبيب الذي عرف المرض ووصفه، وأعطى الدواء للمريض، وهذا أهمله ورمى به جانبا، واستشفى بغيره، فهل من فعل هذا تزول علته ... ؟؟؟ وهل يلام الطبيب - في هذه الحالة - أو يرمى بالجهل وعدم المعرفة والمريض لم يستعمل دواءه؟ الواقع يقول ... لا، كما قيل:
كالعيس في البيداء يقتلها الظما ... والماء فوق ظهورها محمول
فلا بد إذن من العودة إلى منبع الإسلام الصافي، ودوائه الشافي - بإذن الله - وإلا فلا نطمع - ما دمنا على هذه الحال - في تكوين مجتمع صالح قوي ومتماسك، سليم من أمراض الخلافات والعداوات التي تؤدي إلى التخاصم والتباغض والتقاتل على كراسي الحكم وغيرها، وإرادة الشر لبعضنا بعضا.