ويروى لم يصب بالياء والتاء أجود وأراد الإشارة إلى آية الأنفال أي أنت إنما خرجت غضبًا لله ولو كنت خرجت لغير ذلك ما انتصرت وما يكون لك أن تخرج لغير ذلك، إذ أنت خليفة الله، كل أمرك في الله ولله.

من بعد ما أشبوها واثقين بها ... والله مفتاح باب المعقل الأشب

أشبوها أي حصنوها حتى صارت كالشجر الملفت [هذا لفظ التبريزي ولعله من أبي العلاء] بما حولها من كثرة السلاح. ومن شاء جعل هذا المعنى جنسيًا

وقال ذو أمرهم لا مرتع صدد ... للسارحين وليس الورد من كثب

هذه فكرة الروم، وخلفائهم الإفرنج عن العرب والمسلمين، أنهم بدو يطلبون المرعى وموارد الماء،

أمانيا سلبتهم نجح هاجسها ... ظبي السيوف وأطراف القنا السلب

خفف الأماني، والسلب أي الطوال جمع سلب بفتح فكسر

إن الحمامين من بيض ومن سمر ... دلوا الحياتين من ماء ومن عشب

هذا تهكم بهم من أبي تمام إذ قالوا لا مرتع ولا ورد- قال بلى، فالمرتع والورد سيوفنا ورماحنا. مناياهن هن الدلاء التي نصيب بها الحياة- حياة المرتع (العشب) والمورد (الماء) - وهيأ هذا من مقاله ما سيجيء به بعد من خبر المرأة التي قالت وامعتصماه وهم يظنون أن لا معتصم لها من أجل أنه لا مرتع صددا أي قريبًا له ولا ورد من كثب أي من قريب.

لبيت صوتًا زبطريًا هرقت به ... كأس الكرى ورضاب الخرد العرب

لما جعله ولي أمر الدين جعل لا لذة له إلا لأهل، ولا خمر له إلا إغفاءة النوم. فنفض إغفاءة النوم وترك الحلائل من أجل الغيرة والنجدة. وعسى بعض هذا أن خيل به لمن خيل له أن فكرة الجنس هي الغالبة على أبي تمام في هذه البائية، وإنما قصد أبو تمام إلى معنى قول الآخر:

قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم ... دون النساء ولو باتت بأطهار

وقول الآخر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015