الذي حل بالمنهزمين.

ومن ثم أخذ أبو تمام في تعليل أسباب النصر وأن الخليفة بما حباه الله من تأييده كان هو السبب فيه.

لم يعلم الكفر كم من أعصر كمنت ... له العواقب بين السمر والقضب

هذا مردود على قوله «حتى إذا مخض الله السنين لها» أي هذا النصر قد كمنت عواقبه عصورًا طويلة بين السيوف والرماح. حتى اختارها المعتصم بالله وداهم بها العدو فقهره.

وما خلا أبو تمام من نظر قوي إلى طريقة علقمة في بائيته حيث قال:

فوالله لولا فارس الجون منهم ... لآبوا خزايا والإياب حبيب

فجعله هو سبب النصر. ويوشك الصولى أن يكون قد تنبه أو نبه إلى هذا الوجه حيث قال في البيت التالي:

ومطعم النصر لم تكهم أسنته ... يومًا ولا حجبت عن روح محتجب

أن أول من قال بهذا علقمة بن عبدة فقال ومطعم النصر يوم النصر إلخ- قلت ورواية علقمة المعروفة: «ومطعم الغنم يوم الغنم مطعمه البيت» -وما أشك- والله أعلم- أن حبيبًا تعمد الإشارة إليه ولوى قوله «ومطعم النصر» منه. قال في هامش شرح التبريزي [دار المعارف تحقيق د. محمد عبده عزام. الطبعة الرابعة ص 58 هامش 5 من ج] وله رواية أخرى في لـ: ومطعم الغنم يوم الغنم. قلت هذه الرواية لا نعلم غيرها. وليس في الشرح الكبير سواها ولا في طبعة مطبعة المعارف 1361 هـ ص 201.

لم يغز قومًا ولم ينهد إلى بلد ... إلا تقدمه جيش من الرعب

لو لم يقد جحفلاً يوم الوغى لغدا ... من نفسه وحدها في جحفل لجب

هذا من المبالغة، ويبرره أن المعتصم كان مشغولاً بالجيوش، فتركه كانوا إذا رأى عرضهم كأنما هم امتداد لنفسه. وقد كان يخيل لنا أن هذا خبر وليس بمبالغة وأن المعتصم به أشجع من عنترة الذي ليس كسيرته الحربية من سيرة. ثم ثبت عندنا بعد أن عنترة أعظم شأنًا في باب الشجاعة الفردية البطولة.

رمى بك الله برجيها فهدمها ... ولو رمى بك غير الله لم تصب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015