بالرياض. فقوله: معمورًا يطيف به غيلان، منبئ بأنه عمران من إطافة غيلان به وغيلان هو ذو الرمة. أما ربع عمورية فخرب. وهو أبهى ربا من ربع مية على ما فيه من خراب، لهذا النصر، وهذه الاستباحة التي هي جزاء المجاهد المنتصر في هذه الدنيا {ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون}
ولا الخدود وإن أدمين من خجل ... أشهى إلى ناظر من خدها الترب
هذا البيت نفيس حقًا.
ربعها الخرب فيه هذا السباء وهؤلاء المستباحات وخدودهن النواعم يتفطرن خجلاً ذا انكسار.
وهذه المدينة التي افتتحت، هي أيضًا بكر، ولكن خدها ضارع ترب، إذ كانت ذات كبرياء وأنف شامخ. هذا الإذلال لها والترتيب مدعاة للحزن. قول الشاعر «خدها الترب» مشعريًا بأساه لهذه الذلة بعد العز.
ولا شيء أعظم من نشوة الانتصار عليها بعد ما كان لها من طول استعصاء وامتناع- هذه الخدود المتفطرات خجلاً اشتهيت بنشوة الظفر، فهذا الخد الترب أشهى إلى نظر المنتصر المستبيح من هذه الخدود المدميهن الخجل.
والمنظر بعد فظيع سمج.
والنصر يجعل هذه السماجة الفظيعة أمرًا عظيم الجمال:
هنا إنسانية أبي تمام الضخمة ودقة إحساسه المرهف.
فأمر هذه القصيدة ليس كله أو عموده شبق جنسي فروئدي، فتأمل.
سماجة غنيت منا العيون بها ... عن كل حسن بدا أو منظر عجب
وحسن منقلب تبدو عواقبه ... جاءت بشاشته عن سوء منقلب
أخذ هذا أبو الطيب- أخذه كله بنظر شديد إلى ما ذكره حبيب من نصر واستباحة:
فلم ينج إلا من حماها من الظبي ... لمى شفتيها والثدى النواهد
تبكي عليهن البطاريق في الدجى ... وهن لدينا ملقيات كواسد
بذا قضت الأيام ما بين أهلها ... مصائب قوم عند قوم فوائد
فهذا عين مقال أبي تمام أن حسن منقلب المنتصرين جاءت بشاشته بعد سوء المنقلب