الوقف، فهل اكتفى بقوله هذا أن يكرره وجعل عبارته هذه الثانية مردودة عليه أو أراد العموم هذه المرة وأن التضعيف مما يقع في كلام العرب لا يخص به قبيلة دون قبيلة؟ ثم إن سيبوبه يقول في أوائل كتابه «ومن العرب من يثقل الكلمة إذ وقف عليها ولا يثقلها في الوصل نحو سبسبًا وكلكلا لأنهم قد يثقلونه في الوقف فأثبتوه في الوصل كما أثبتوا الحذف في قوله لنفسه مقنعًا وإنما حذفه في الوقف قال رؤبة: -
ضخم يحب الخلق الأضخما
تروى بكسر الهمزة وفتحها وقال بعضهم «الضخما بكسر الضاد. أ. هـ» فهذا فيه ما ترى من عموم في الشعر لا يخص به القوافي ولكن الذي استشهد به قافية. وقال في باب الوقف «وقد استعملوا في شيء من هذا الألف في الوقف كما استعملوا الهاء لأن الهاء أقرب المخارج إلى الألف وهي شبيهة بها فمن ذلك قول العرب حيهلا فإذا وصلوا قالوا حيهل بعمر وإن شئت قلت حيهل كما تقول بحكمك.» وقال في موضع آخر «وحدثني من أثق به أنه سمع عربيًا يقول أعطني أبيضه والحق الهاء كما ألحقها في هنة وهو يريد هن» قلت فعلى قوله الأول يجوز أن تلحق الألف بعد حيهل المشددة للام من أجل الوقف كأنه قال حيهل مشددة كما قال أبيض مشددة وألحقها هاء ثم أبدل مكانها ألفًا. وأما التنوين فعلى التنكير، إذ قرأت حيهلا بمغداك منونًا حيهلا. فتأمل هذا التخريج.
فهذا ما حثنا على القول بأن طريق «حيهلا بمغداك» بالتشديد كأنه واسع في العربية. وكأن في كلام التبريزي شيئًا من هذا المعنى حيث قال: «ويجوز أن يكون الطائي سمعها مشددة في شيء من شعر العرب ولو كانت قافية لجرت مجرى قوله: «كأن مهواها من الكلكل» ثم قال التبريزي «ومن روى حي أهلاً فهذه كلمة مرفوضة إلا أن يجعل حي في معنى هلم وينصب أهلاً بفعل مضمر ويجوز أن تكسر الياء في معنى التحية أي حي أهلاً حاضرين بمغداك» - قلت فهذا يبين فضل مقال حبيب على قول من راموا إصلاحه.
والعرب قد تجري الوصل مجرى الوقف فتصل بما تقف به وعليه رواية بيت امرئ القيس:
فاليوم أشرب غير مستحقب ... إثمًا من الله ولا واغل
لا بل عليه إلحاق الألف سبسبا وأخصبا إذ هو ترنم، والشعر كله ترنم.
هذا ولما ذكر أبو تمام الغمام في قوله «تصرح الدهر تصريح الغمام لها» وجاء بطاهر