والحناء وليس الحناء من جنس السيف. ويجوز رفع الحناء وخفضه فإذ خفض كان قوله «من دمه» في موضع الحال. أ. هـ» - قلت ورواية «بسنة السيف والحناء من دمه» جيدة، وههنا تورية واستخدام معًا. أي هذه سنة السيف أن يخضب ولا حناء له إلا الدم، فالحناء من دم هذا البطل ولك وجها الخفض والرفع اللذين ذكرهما وسنة السيف أيضًا حد السيف وطريقته الماضية القاطعة. فهذا موضع الاستخدام، إذ دل لفظ سنة السيف هنا على معنيين حده ومذهبه الذي يسير عليه وموضع تورية لما في معنى السنة عندنا معشر المسلمين، فالسيف اتبع السنة وجعل الحناء من دمه، لأن الصحابة كانوا يخضبون الشيب بالحناء قال التبريزي: لأن الصحابة والتابعين كانوا يرون من السنة أن يخضبوا شعورهم بالحناء والكتم وما يجري مجراهما من نبات الأرض، ويكرهون الخضاب بالسواد ويؤثرون الحمرة إلخ ما قاله أ. هـ».

ثم أخذ أبو تمام في صفة ما وقع بعمورية من تخريب وتحريق، وهذا متمم لما صوره من قبل من هذا القتال بين حيطانها وهذا الدم الآني القاني السرب.

لقد تركت أمير المؤمنين بها ... للنار يومًا ذليل الصخر والخشب

وتلي بعد هذا صورة مفزعة من صور الخراب والحريق وشريج ما بين زهو منتصر وانكسارة منهزم وشكر مؤمن ويأس كافر

غادرت فيها بهيم الليل وهو ضحى ... يشله وسطها صبح من اللهب

حتى كأن جلابيب الدجى رغبت ... عن لونها أو كأن الشمس لم تغب

ضوء من النار والظلماء عاكفة ... وظلمة من دخان في ضحى شحب

عين هذه الاختلاطة من الألوان جاء بها زاهية مشرقة مفرحة في قوله:

تريا نهارًا مشمسًا قد شابه ... زهر الربا فكأنما هو مقمر

تأمل كيف جعل الضحى شحبا بالدخان وظلمته ومقمرا بدريا بالزهر ونعومة ألوانه وظلاله.

فالشمس طالعة من ذا وقد أفلت ... والشمس واجبة من ذا ولم تجب

تصرح الدهر تصريح الغمام لها ... عن يوم هيجاء منها طاهر جنب

فالغمام ظل ولأبي تمام ولع بصفة المزن والسحائب، بعضه من طول نظره في شعر العرب، وبعضه من تجربته البداوة وعيشها- وهو بعد القائل:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015