والولاية فما كان يريد إلا نحوًا من أن يضمن له دعة العيش، على نحو ما صنع الحسن بن وهب لأبي تمام.

وقد صنعوا حكاية نسبوها إلى كافور أنه قال يا قوم من ادعى النبوة على محمد ألا يدعي الملك على كافور. وقد كان أبو الطيب محسودًا كثير الأعداء والخصوم. فلا يستبعد أن يكون هذا بعض ما كيد بشيء يشبهه عند كافور.

والصحيح الذي لا ريب فيه أن أبا الطيب مدح الملوك ولم يطلب السلطان وقد مانت مدائحه بضاعة رائجة يتنافس ملوك الطوائف فيها ليكون لهم منها مثل حظ سيف الدولة.

وقد كانت الحرب التي خاضها أبو الطيب هي حرب القوافي والبيان وهي التي قتلته آخر الأمر وأحيت ذكره كما لم يحي ذكر شاعر من معاصريه. كلمة ابن رشيق: «ثم جاء أبو الطيب فملأ الدنيا وشغل الناس» من الكلام المشهور المحفوظ في هذا.

وقد عرضنا لبداوة أبي تمام الفكرية ولمذهب أبي الطيب في معركة الشعر في كلمتين لنا نشرتا في عددي المناهل بالرباط رقم 12 و 13، وإنما نذكر ههنا في هذا الكتاب منهما ما نذكره مختصرًا كراهة التكرار.

ومما قد يحسن ذكره هنا أن الثعالبي جعل من مساوئ أبي الطيب ما سماه إساءة الأدب بالأدب. والمتأمل لشعر أبي الطيب واجد أن هذا الذي جعله أبو منصور من مساوئه، هو في الحق سر تفوقه وجوهر إحسانه. وما أحسب أن ذلك قد كان خافيًّا على أبي منصور، ولكنه قد كان صاحب دهاء وتقيةٍ ثعلبية «ومما يدل على هذا المعنى زعمه أن: «واحر قلباه ممن قلبه شبم» توشك أن تدخل في باب إساءة الأدب بالأدب، وقد عدها مع ذلك، وهي بلا ريب كذلك، من محاسنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015