ما سبق أنها جمع حقه بكسر الحاء- ثم جعل الثدي حقاقًا للحلي غير مستقيم. وأتى من قول ابن كلثوم:

وثديا مثل حق العاج رخصا ... حصانًا من أكف اللامسينا

وقد احترس صاحب المعلقة كما ترى بجعله حصانًا إلخ. وقد أكفأه ابن الرومي وجعله وعاء للحلي، وإنما يكون الحلي زينة عليه كما قال الذي هو أحذق منه وأدق:

كالدر والمرجان ألف نظمه ... بالشذر في عنق الكعاب الرود

فدل بقوله الكعاب على ثديها الناهد من دون أن يجعله وعاء.

ويستوقفني في هذه البائية قول ابن الرومي:

حنانيك قد أيقنت أنك كاتب ... له رتبة تعلو به كل كاتب

فدعني من حكم الكتابة إنه ... عدو لحكم الشعر غير مقارب

وإلا فلم يستعمل العدل جاعلٌ ... أجدٌ مجدٍ قرن ألعب لاعب

فهل أجد مجد هو الكاتب؟ ظاهر السياق يدل على ذلك، إذ ما كان ليجعل ممدوحه ألعب لاعب، ولكن يجعل الشاعر ألعب لاعب، فيدل ذلك على مهارته بلعب الكلام، ولا يكلف من كلفة الجد ما يكلفه الكاتب الذي إنما عمله التدبير ومعاونة الأمير والوزير في طبيعة عملهما نفسها؟

ثم هل عد ممدوحه منهجه كتابيًا، فأقام عليه حكم الكتاب من أجل ذلك؟ ثم إن كان ابن الرومي وهو شاعر ينفر من أن يقام عليه حكم الكتاب فلم اصطنع في شعره أساليب الكتاب؟

الجواب عن هذا أن ابن الرومي رحمه الله قد كان كاتبًا وشاعرًا معًا، قوي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015