ومن يك مثلًا للحيا في علوه ... يكن مثله في جوده بالمواهب
وأن نفاري منه وهو يريغني ... لشيءٌ لرأى فيه غير مناسب
قال الشيخ محمد شريف سليم رحمه الله في شرحه (ص 272/ 273). نفاري منه: تباعدي عنه. يريغني: يطلبني، لشيء غير مناسب: لأمر غير ملائم. لرأى فيه أي لما يرى فيه. فعبارة لرأى فيه متعلقة بغير مناسب وتقديم المتعلق على المتعلق جعل في الشطر الثاني من هذا البيت شيئًا من ضعف التأليف المنافي للبلاغة. أ. هـ.
الذي ذهب إليه الشيخ سليم رحمه الله وجه.
ولعل وجهًا آخر أن يقال: يريغني لشيء -لشيء جار ومجرور متعلق بالفعل أي يطلبني من أجل شيء يعطينيه مثلًا.
ثم قوله «لرأى» ليس بجار ومجرور ولكنها لام الابتداء المزحلقة بعد إن ورأى خبر إن مرفوع وفيه جار ومجرور متعلق بصفة لرأى وغير مناسب صفة الخبر إن أي إن نفارى منه وهو يريغني من أجل منفعة ينفعني بها وشيء يحبونيه ذلك لعمري رأى غير مناسب.
وعلى هذا فالصياغة مستقيمة ليس فيها ضعف تأليف.
وإلى ههنا نكون قد أوردنا واحدًا وتسعين بيتًا من هذه البائية وذلك نصفها ولا يقدح في هذا أنه قد ذهب مذهب أبي تمام في الإشارة وضمن القسم الثاني بيتًا من النابغة ونصفي بيت وقطعة من بيت بعد ذلك، وذلك قوله:
إذًا لم يقل أعلى النوابغ رتبةً ... لمقول غسان الملوك الأشائب
«علي لعمرو نعمة بعد نعمة ... لوالده ليست بذات عقارب».